بمناسبة انتخابات النقابة غدًا

موسم تضليل الصحفيين

بقلم:محمد أبو الحديد

 

تجري غدا بمقر نقابة الصحفيين انتخابات التجديد النصفي لمجلس النقابة وتشمل انتخاب النقيب وستة صحفيين لعضوية المجلس.

وقد تابعت علي مدي الأسابيع الماضية تطورات الدعاية الانتخابية للمرشحين وبينهم النقيب السابق وخمسة من الستة الذين خرجوا في التجديد وأعادوا ترشيح أنفسهم مرة أخري.

ولأنها انتخابات حاسمة ولأن أحد عناوينها الكبري فيما تابعته هو محاولة تضليل الصحفيين أعضاء الجمعية العمومية بمعلومات مغلوطة وشعارات جوفاء. فقد رأيت من واقع مسئوليتي كعضو بالنقابة والجمعية العمومية علي مدي 46 سنة حتي الآن ان أكتب هذا المقال:

***

موقفي معروف من القضية المشهورة بقضية اقتحام مقر النقابة وكذلك من قضية إساءة استخدام سلم النقابة الذي هو جزء لا يتجزأ من مقرها لأنه المدخل الوحيد للمبني وقد سجلت هذا الموقف في حينه في مقالين متتاليين أحدهما في 28/4 أي قبل واقعة الاقتحام والآخر بعدها في 5/5 الماضيين.

وكنت ومازلت حتي اليوم في الجانب المختلف تماما شكلا وموضوعا مع النقيب ومجلس النقابة سواء في توصيف القضية أو في أسلوب ادارة الأزمة ولأني لا أريد ان انكأ جراحا بإعادة سرد الوقائع في قضية أمرها في يد العدالة فإني سأكتفي فقط بكشف جزء من التضليل الانتخابي الذي يصور الأمر علي غير حقيقته استثمارا للقضية في الانتخابات.

الأمر يتم تصويره علي انه كان معركة "كرامة" ومن أجل هيبة الصحفيين ونقابتهم وانه نضال لا يقل عن نضال الصحفيين عام 1995 لاسقاط القانون المعيب للصحافة وقتها.

والثابت ان معركة الكرامة المدعاة انتهت بندامة.. والنضال من أجل الهيبة انتهي بخيبة وهو ما سيسجله التاريخ - للأسف - للأجيال الصحفية القادمة.

وفي حدود علمي فإن نجاح أو فشل أي معركة مقياسه الوحيد هو مدي تحقيقها للهدف منها.

لقد كان لمعركة 1995 عنوان واحد هو: "اسقاط القانون المعيب".. واحتشد الجميع وقتها وراء هذا العنوان في ظل إدارة للأزمة قادها صحفي بمرتبة "رجل دولة" هو إبراهيم نافع يسانده كل كبار الكتاب والصحفيين وحققت المعركة هدفها وسقط القانون.

ماذا كان عنوان معركة 4 مايو 2016؟!

للأسف لم يكن لها عنوان واحد محدد يدفع كل الصحفيين. كبارهم وصغارهم للتوحد والالتفاف حوله.

وفي محاولة لـ "سك" عنوان قيل انها معركة استرداد الكرامة. وتأكيد الهيبة. وغير ذلك من الشعارات الفضفاضة كرد علي واقعة اقتحام المقر.

هل حققت المعركة هذا الهدف واستردت الكرامة وأكدت الهيبة؟!

تعالوا نبحث في ذلك من خلال عريضة المطالب التي أعلنها النقيب ومجلسه في اجتماع حاشد قيل انه لـ "الجمعية العمومية" ولم يكن كذلك.. ماذا تحقق منها وماذا لم يتحقق.

طالب المجلس باعتذار رئاسة الجمهورية عن واقعة الاقتحام.. ولم تعتذر.

طالب المجلس بإقالة وزير الداخلية. ولم يتحقق ذلك.. بل وتم تثبيته في التعديل الوزاري الأخير.

طالب المجلس رؤساء تحرير الصحف القومية والحزبية والخاصة بالامتناع عن نشر اسم الوزير مع نشر صور "نيجاتيف" وكتابة "افتتاحيات موحدة" - علي نمط خطبة الجمعة الموحدة - تهاجمه.. وتسويد الصفحات الأولي من الصحف وحدد لتنفيذ ذلك يوما السبت والأحد 7 و8 مايو ولم يستجب له أحد.

هي إذن معركة فقدان الكرامة. وهز الهيبة. قاد هذا المجلس المهنة إليها وأثبت انه فاقد السيطرة بل وفاقد الثقة حتي من داخل القيادات الصحفية للصحف والمؤسسات التي لم تستجب له ولم تقتنع بمطالبه.

***

قدمت الدولة 50 مليون جنيه دعما استثنائيا لنقابة الصحفيين.. قبل نحو عام فاعتبر مجلس النقابة ان هذا نتيجة جهده ونضاله من أجل الصحفيين. ووضعه في صدر الانجازات التي ينسبها لنفسه.

بل أكثر من ذلك. أعلن نقيب الصحفيين ان الدولة لم تفعل ذلك إلا لأن مجلس النقابة تعامل معها بـ "ندية" وعاير المجالس السابقة ونقباءها الذين لم يستطيعوا في عهودهم الحصول للصحفيين وللنقابة علي مثل هذا الدعم المالي غير المسبوق.

هذه "قلشة" من النقيب العزيز وهي طبيعية انطلاقا من ان "لكل من اسمه نصيب".

وحتي لا يتم تضليل الخمسة آلاف صحفي من الجيل الجديد الذين أعلن النقيب في حوار لصحيفة "الوطن" انه رئيسهم وانهم الذين احتشدوا يوم 4 مايو الماضي في "معركة الكرامة" ويمثلون المستقبل فإن من واجب كل من يعرف الحقيقة أن يضعها بين أيديهم احتراما لعقلياتهم وإنارة لطريق المستقبل أمامهم.

والحقيقة ان الدولة كانت قد تجمعت لديها تقارير عديدة عن تردي الأوضاع المالية للمؤسسات الصحفية القومية حتي أصبحت بعض هذه المؤسسات عاجزة عن توفير المبالغ اللازمة لصرف مرتبات وأجور العاملين فيها فضلا عن تمويل احتياجاتها الطباعية اليومية اللازمة لاستمرار صدور مطبوعاتها من صحف ومجلات وكتب وغيرها.

ولما كان التوصل إلي حلول نهائية شاملة ودائمة لهذا الوضع يحتاج وقتا ودراسة وقد يتطلب صدور تشريعات تسمح بإسقاط ديون أو السماح بمصادر تمويل لهذه المؤسسات لا تسمح بها التشريعات الحالية. لم يكن أمام الدولة خيار للانقاذ العاجل لهذه المؤسسات سوي ضخ مئات الملايين من الجنيهات في هذه المؤسسات - كل بحجم نشاطها وعدد العاملين فيها - لتوفير السيولة النقدية اللازمة لضمان استمرارها حتي يتم الانتهاء من وضع تصور بالحلول النهائية.

ولأن الدولة تقدر الصحافة وتعتبر الصحفيين عامة هم عماد هذه المهنة فقد استجابت لمن أشار عليها بضرورة توجيه جزء من دعمها المالي لنقابة الصحفيين.. أولا لأن النقابة تضم بين أعضائها صحفيي الصحف الخاصة والصحف الحزبية الذين لن يستفيدوا من الدعم المقدم للمؤسسات الصحفية القومية وصحفييها كما ان الوضع المالي للنقابة لا يقل ترديا عن مثيله في المؤسسات القومية لأن الموارد المالية لها عاجزة عن تغطية انشطتها وخدماتها للصحفيين.

من هنا تم تغذية نقابة الصحفيين بمبلغ الخمسين مليون جنيه.

ولم يخرج رئيس أي مؤسسة ليتباهي بأن المؤسسة حصلت في عهده علي كذا مائة مليون جنيه وهو ما عجز عنه سابقوه ولم يسجل مجلس ادارة أي مؤسسة هذا الدعم في صدر انجازاته.. ولم يقل أي منهم ان الدولة ما كانت لتفعل ذلك إلا بعد ان عاملها بـ "ندية".

هذا أمر يدعو كل من لديه احساس بمسئوليته عن ادارة مؤسسة أو نقابة إلي الخجل. لا إلي الفخر لأن الانجاز الحقيقي هو ما يتحقق بجهد الادارة والعاملين وبخلق موارد مالية دائمة وليس إعانات مؤقتة.

وحده نقيب الصحفيين ووحده مجلس النقابة الذي فعل ذلك.

***

قرأت ميزانية النقابة عن عام 2016 وتقرير مجلس النقابة عن أعماله والذي من المفترض عرضه غدا علي الجمعية العمومية.

* في شأن الميزانية ورد بيان في الصفحة رقم 4 بأنه تم خلال عامي 15 و2016 تركيب مصعدين بمبني النقابة بتكلفة اجمالية مليون و846 ألف جنيه. أي بمتوسط 923 ألف جنيه للمصعد الواحد!!

وبيان آخر بنفس الصفحة عن شراء 7 أجهزة تكييف لمطعم النقابة بقيمة إجمالية مليون و45 ألف جنيه أي بمتوسط 150 ألف جنيه للجهاز الواحد!!

ألا تستلفت هذه الأرقام والأسعار الانتباه. خاصة أن وقائع الشراء تمت بالتأكيد قبل تعويم الجنيه؟!

ثم كيف تم الشراء.. هل بالأمر المباشر.. أم بمناقصة معلنة. أم بالممارسة؟! أسئلة لم يجب عنها بيان الميزانية.

* في تقرير السكرتير العام. ضمن تقرير المجلس وردت الفقرة التالية في الصحفة رقم 20:

"تم مخاطبة جميع المحافظين ومديري الأمن والأجهزة التنفيذية بالمحافظات بحظر التعامل مع غير أعضاء النقابة أو كيانات أخري تقوم بممارسات غير قانونية".

أليست هذه الفقرة تسيء إلي الموقف القانوني للسكرتير العام والنقيب ووكيل النقابة في قضيتهم المقرر صدور الحكم فيها يوم 25 مارس الجاري باعتبار ان التهمة الوحيدة الموجهة إليهم هي ايواء مطلوبين اثنين أحدهما ليس عضوا بالنقابة؟!

 

Back to Top