البسطاء فى عقل وقلب السيسى.. بقلم ــ عبدالمحسن سلامة

فى الوقت الذى تنشغل فيه مواقع ووسائل التواصل الاجتماعى بقصص الفساتين العارية، والمهرجانات الهابطة، والكثير من الأكاذيب والقليل من الحقائق، نجد الرئيس عبدالفتاح السيسى يعمل ليل نهار ويسابق الزمن لإصلاح ما أفسدته السنوات العجاف التى مرت على مصر بعد 25 يناير، وأكلت الأخضر واليابس، وبدلًا من نشر روح الإحباط واليأس، راح يمد يده إلى كل يد تعمل وتبنى، يحنو عليها بروح رب الأسرة المصرية، يهدئ من روعها، ويطمئنها أن هناك من يراها، ويشجعها ويدعمها ويساعدها فى آن واحد.

هكذا فعل الرئيس مع نماذج عديدة منذ أن تولى مسئولية الحكم فى مصر، وكان آخرها مروة العبد، تلك الفتاة القابعة فى قلب صعيد مصر التى تعمل سائقة تروسيكل فى إحدى القرى البعيدة بالبر الغربى بمحافظة الأقصر.

تحدت الفتاة كل القيود ولم تستسلم لواقعها الصعب، وأيضا لم «تضع يدها على خدها» كما يفعل ــ للأسف ــ الكثير من الشباب الآن فى انتظار الفرصة التى لن تأتي، وأيضا لم تنبهر وهى ترى السائحين والسائحات من كل الدنيا وهم يرتدون أفخر الثياب ويعيشون أبهى مظاهر الحياة لكنها أصرت على أن تعمل وتجتهد من أجل توفير متطلبات الحياة البسيطة لأسرتها، ومساعدة والدها ووالدتها وشقيقاتها الأربع، لتضرب أروع الأمثلة فى الكفاح والصبر.

خرجت مروة مبكرًا إلى سوق العمل لتساعد والدها الخفير النظامى فى توفير احتياجات أسرتها لتنتقل بين أعمال كثيرة حتى استقر بها المقام فى قيادة تروسيكل، وهى المهنة التى يحتكرها الرجال، لكنها بصبرها وثباتها فرضت نفسها، وأصبحت محل ثقة للكثيرين من سيدات وأهالى المنطقة هناك، حتى تناقلت قصتها وسائل الإعلام، وعلم الرئيس عبدالفتاح السيسى بالقصة ليطلب لقاءها استمرارًا لنهجه فى دعم ومساندة كل النماذج الناجحة والمجتهدة من البسطاء فى كل مكان وفى كل مجال.

يفعل الرئيس ذلك اقتناعاً منه بأن هذه النماذج هى التى تبنى وتعمر بعيدًا عن الصخب والضجيج، وقد ورد فى الأثر عن النبى صلى الله عليه وسلم حينما قابل شخصًا يده خشنة الملمس من العمل، فقال عليه الصلاة والسلام هذه يد يحبها الله ورسوله، حتى لا يتأفف أحد منه أو من ملمس يده فى أثناء مصافحته، كما أن فى القرآن الكريم الكثير من الآيات التى تحض على العمل مثل (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون)، وأيضًا (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا) صدق الله العظيم.

لم تكن مروة هى الوحيدة التى قام الرئيس باستقبالها وتكريمها، وإنما هى واحدة فى سلسلة كبيرة ومتصلة بداية بفتاة عربة البضائع بالإسكندرية منى السيد إبراهيم بدر التى التقاها الرئيس منذ أكثر من عامين لتكريمها والثناء عليها، ولم يكتف بذلك فقط لكنه قام بتلبية طلباتها وهى طلبات قليلة وبسيطة لفتاة تعرف معنى الرضا والقناعة مثلها مثل الملايين من الكادحين من أبناء الشعب المصرى الذين لم تلوثهم أمراض العصر، ولم يقعوا تحت ضغوط الإغراء أو فريسة للاستسهال والفهلوة مكتفين بالسخط وعدم الرضا على كل شيء وأى شىء.

خلال مؤتمر الشباب بالإسكندرية فى العام الماضى أصر الرئيس فى الجلسة الافتتاحية أن يجلس بين الطالبة مريم الأولى على الثانوية والشاب ياسين أحد أبطال متحدى الإعاقة، ليؤكد لكل الشباب أنه يقف بكل قوة مع كل نماذج النجاح فى كل المجالات.

مريم زهرة بريئة مجتهدة وناجحة وابنة أسرة بسيطة، استطاعت أن تقهر ظروفها، وتتفوق على أقرانها لتحصد المركز الأول على الثانوية العامة فى العام الماضى ليستضيفها الرئيس ويكرمها، ليؤكد عودة التعليم إلى دوره كوسيلة مهمة من وسائل الحراك الاجتماعى حينما كان الأوائل والمتفوقون يجدون كل الترحاب فى أماكن العمل والجامعات والمؤسسات المختلفة قبل أن تنقلب الآية ويتحول التعليم إلى مجرد شهادة وتسوء حال الخريجين، ويصبح التعيين فى معظم الأماكن بالواسطة والفهلوة بعيدا عن الكفاءة والتميز.

أما ياسين فهو نموذج للقدرة والتحدي، لأنه لم يستسلم لبتر ساقه، وتحول إلى طاقة إيجابية هائلة، وهى الروح التى لا بد أن تنتشر بين كل أفراد المجتمع بعد أن نجح فى مواجهة إعاقته بالعمل والنشاط والإصرار والمثابرة.

الموقف نفسه تكرر مع الشاب أحمد رأفت أحد متحدى الإعاقة، وهو نموذج للشباب المقاتل الذى يمتلك عزيمة لا تلين، رغم إعاقته مما جعل الرئيس عبد الفتاح السيسى يستجيب لطلبه ليلتحق بالقوات المسلحة ويعمل مديرا لقسم السوشيال ميديا بالشركة الوطنية للمعارض والمؤتمرات الدولية، ليؤكد أن متحدى الإعاقة لديهم القدرة على أن يصبحوا أفضل من أى شخص طبيعى إذا تسلحوا بالإيمان والعمل.

الرئيس عبد الفتاح السيسى لديه حس إنسانى مرهف، ويتفاعل بشدة مع البسطاء، ومتحدى الإعاقة، وكل النماذج الناجحة فى العمل أو العلم، وآخرهم مروة العبد الفتاة الصعيدية التى تسكن فى قرية البعيرات بالأقصر، وهو يصر على استقبالهم كما الرؤساء والملوك والأمراء، يستقبلهم بنفسه على سلم القصر الجمهوري، ويودعهم حتى باب السيارة، فى إشارة لها مغزى لكل أفراد المجتمع المصرى، بأن العمل والاجتهاد والكفاءة هى المعايير الأساسية للتقدم والنجاح.

لا يمكن أن يتقدم أى مجتمع إلا بالعلم والعمل والاجتهاد، فالمشكلات لن يتم حلها بالجلوس أمام شاشات «الموبايلات» والحوارات على «الفيس» ووسائل التواصل الاجتماعى الأخرى، أو الجلوس على المقاهى ليل نهار، وإنما بالعمل والعمل فقط يمكن حل المشكلات الحياتية.

فى مصر الآن مشروعات ضخمة تقام فى كل مجالات الحياة، وهناك فرص عمل موجودة فى تلك المجالات، لكن للأسف بعض الشباب لا يزالون ينتظرون الوظيفة الميرى أو نوعية معينة من الوظائف قد لا تتوافر بسهولة.

ليس عيبا البدء بالوظيفة المتاحة، والبحث عن الأفضل بعدها، والعيب كل العيب أن ننتظر ما لا يأتى وقد كنت سعيدا حينما قابلت طالبا مصريا فى نيويورك اسمه شادى من أسرة مصرية هاجرت إلى أمريكا منذ نحو 15 عاما، وحكى لى شادى قصته وهو الطالب بإحدى كليات الطب هناك، لكنه كان يعمل بمطعم للأغذية السريعة، وكان يتقاضى راتبا يكاد يغطى بعضا من مصاريفه، وبعدها قام بشراء سيارة واشترك بها فى مشروعات توصيل الركاب على غرار «أوبر وكريم»، ليعمل فى الأوقات التى تناسبه وتناسب دراسته ليتمكن من توفير احتياجات دراسته ومصاريفه.

شادى أكد لى أن حالته ليست هى الوحيدة، وإنما هى القاعدة لكل الشباب هناك، يعملون من أجل تدبير نفقاتهم الدراسية والحياتية، وفى الوقت نفسه يدرسون بأرقى الكليات والمعاهد.

الطبيعى هناك أن يعمل الشاب فى أكثر من عمل ويتدرج فى عمله، وينتقل من عمل إلى آخر حتى يستقر فى عمله النهائى الذى يحبه ويختاره ويصل إليه بقدراته وعلمه وخبراته، وهى ثقافة نحتاج إلى نقلها فى مجتمعاتنا العربية بشكل عام، ومصر بشكل خاص، فالعمل لايتعارض مع التعليم، وليس من الضرورى أن يكون أول عمل للشباب هو العمل النهائى له، ولابد أن نتعود على العمل فى أكثر من عمل حسب الظروف المتاحة.

لا مانع أبدا أن يعمل الشاب فى مصنع أو مزرعة مثلا، ثم يترك ذلك العمل ليفتح مكتبا للمحاماة أو عيادة طبية أو صيدلية أو شركة أو مكتب محاسبة أو غيرها من الأعمال الأخرى.

كل الدول المتقدمة نشاهد فيها تلك النماذج التى تبدأ العمل بالمتاح من الفرص، ثم تنتقل من عمل إلى آخر لتصل إلى أعلى وأرفع المناصب.

العيب كل العيب فى الاستسلام لدعاوى الإحباط واليأس، ورفض العمل إلا فى وظائف معينة، كما أنه من الضرورى أن تتغير ثقافة الشعوب العربية، وعدم تحقير الأعمال اليدوية والإنتاجية أيا كانت، فهذه الأعمال هى التى تؤدى إلى تقدم الشعوب.

لا يمكن لدولة أن تتقدم دون أن تنتج، فالإنتاج هو الحل، لن يكون هناك إنتاج إلا بالعمل.

هى مسئولية مشتركة على الحكومة والشعب معا لتخطى تلك المرحلة الصعبة، فالحكومة عليها أن تعمل على تغيير المفاهيم المتوارثة لتأكيد احترام قيمة العمل أيا كان، وهو ما يفعله الرئيس عبد الفتاح السيسى منذ توليه مسئولية القيادة باستقباله النماذج المكافحة فى كل المجالات، ومن كل الأماكن من الإسكندرية حتى أسوان ليفتح طاقة نور أمام كل المكافحين والعاملين، ويربت على أكتافهم، ويشد على أيديهم، ليرفعوا رءوسهم عالية فخورين بما يعملون.

أما المسئولية الكبرى فهى على هؤلاء الجالسين على المقاهى وأمام شاشات أجهزة الكمبيوتر والتليفونات المحمولة لتضيع أعمارهم وأحلى سنوات شبابهم، وللأسف تضيع معهم أوطانهم، لأنهم جزء مهم من تلك الأوطان التى تحتاج إلى إنتاجهم وعملهم لأن البشر هم الجزء الحى والنابض من الوطن.

تحية شكر وعرفان إلى كل يد تعمل وتبنى وتعرق، وإلى كل مواطن مخلص وشريف يتعب ويجتهد من أجل «لقمة العيش» بعيدا عن الفهلوة والاستسهال والإحباط.

 

Back to Top