التجربة النمساوية فى تدوير المخلفات.. بقلم عبد المحسن سلامة

تعتبر النمسا الأولى عالميا فى تدوير المخلفات، وفى الوقت الذى تبدو فيه المخلفات نقمة فى مصر وفى كثير من بلدان العالم، فإن الأمر يختلف فى النمسا حيث تسجل عملية تدوير المخلفات هناك نجاحا مذهلا مما يضع النمسا فى أول القائمة عالميا فى هذا المجال.

نجحت النمسا فى التعامل الآمن وإعادة تدوير المخلفات بنسبة 68% تليها ألمانيا بنسبة 60%، وتستفيد من المخلفات فى توليد الطاقة الكهربائية واستخدامها فى أعمال التدفئة، وتحلية مياه الشرب، وفى كثير من الاستخدامات الأخري.

تبدأ المنظومة هناك بفصل المخلفات من المنزل، وهو النظام الأنسب للاستفادة بكل ما يعاد تصنيعه، وكل ما يعاد تدويره، بالإضافة إلى ضرورة وجود بنية تشريعية واضحة وقوانين صارمة يتم تطبيقها على الجميع.

أما الشركات العاملة فى هذا المجال فهى التى تقوم بوضع خطط الاستفادة من تلك المنظومة فى ظل وجود رقابة حكومية صارمة وواضحة مع مراقبة كل النواحى الفنية والإدارية والمالية.

تجربة النمسا فى تدوير القمامة يمكن الاستفادة منها فى مصر من خلال التعاون بين الهيئة العربية للتصنيع ووزارة الإنتاج الحربى ووزارة البيئة والقطاع الخاص لوضع خطة متكاملة لتصنيع المعدات اللازمة والتعاون مع شركات القطاع الخاص المؤهلة للعمل فى هذا المجال، ومن الممكن أن تكون هناك شركة أم تتبعها شركات فى المناطق المختلفة والمحافظات، والتعاون مع البنوك وشركات التأمين لتوفير التمويل اللازم لشراء المعدات والسيارات المجهزة للعمل فى نقل المخلفات، وإنشاء المصانع.

الحكومة عليها وضع المواصفات القياسية لعمل الشركات، ووضع الأهداف والاستراتيجيات الخاصة بعملية تدوير المخلفات ومراقبة أداء الشركات، ومدى التزامها بالأهداف والخطط الموضوعة، والشركات من جانبها تقوم بأعمال الجمع من داخل البيوت والمخازن المخصصة لهذا الغرض، بحيث يتم نقل الورق إلى مصانع الورق مباشرة، والبلاستيك إلى مصانع البلاستيك، وهكذا فى كل أنواع المخلفات (منسوجات، زجاج، حديد، ألمونيوم،... إلخ) مما يسهم فى سرعة نقل هذه النوعيات إلى المصانع المخصصة لها، وسرعة الاستفادة منها فى إنتاج منتجات جديدة، أو استخدامها فى توليد الطاقة الكهربائية، بما يؤدى فى النهاية إلى تحويل المخلفات كأحد مصادر الدخل القومى لتكون مصر رائدة فى هذا المجال إفريقيا وعربيا، ويجعلها قادرة على نقل تجربتها إلى هذه الدول بعد ذلك.

نجاح تجربة تدوير المخلفات فى مصر يجعلها تتحول من »نقمة« إلى »نعمة«، ومن »عبء« قاتل إلى »إضافة« للاقتصاد الوطني، ومن كارثة »بيئية« إلى نقلة حضارية رائعة لمدن وقرى مصر بعد أن يتم التخلص من أكوام القمامة المنتشرة فى كل مكان، وتحويلها إلى منتجات جديدة، ومصدر مهم من مصادر الطاقة.

أتمنى أن يأخذ اللواء محمد العصار وزير الإنتاج الحربى والفريق عبدالمنعم التراس زمام المبادرة والبدء فى إطلاق هذا المشروع الحيوى والخطير الذى سوف يكون نقلة كبيرة ومهمة فى الشكل والمضمون للحياة فى مصر.

Back to Top