«بص» فى «المراية»! .. بقلم عبد المحسن سلامة
أعتقد أن حملات الرقابة الإدارية، التى يتم بثها الآن فى وسائل الإعلام المختلفة، للتوعية بحقوق المواطنين، وفضح المتلاعبين بحقوق الشعب، يمكن أن تكون النواة الأولى للثورة العقلية التى يجب أن يتم إطلاقها خلال المرحلة المقبلة فى جميع القطاعات، والتى نجحت فى دول عديدة مثل إندونيسيا، وقد أشرت إليها فى مقال الأمس.
لقد تابعت بعض هذه الإعلانات، خاصة تلك التى تتعلق بتصحيح بعض المفاهيم الخاطئة المتجذرة لدى قطاع كبير من المواطنين، مثل ما يتعلق بالاعتداء على الأراضى الزراعية، تلك الجريمة المتكاملة الأركان، التى يتم فيها تحويل أجود الأراضى إلى كتل أسمنتية، وما يرتبط بها من هدم بنية تحتية عملاقة من شبكات الصرف الزراعى والترع والمصارف، لنبحث بعد ذلك عن استصلاح أراضٍ صحراوية بديلة تتكلف المليارات أيضا، وفى كل الأحوال لن تكون بجودة الأراضى القديمة.
أيضا هناك جريمة الاعتداء على أراضى أملاك الدولة، والاعتداء على حرم الشوارع، والملاحظ أن هناك حالة من العداء غير المعلن بين الكثير من المواطنين والشوارع، وهم يستحلونها كأنها ملكية خاصة، ويتفننون فى الاعتداء عليها، ويقومون بالتعدى على الأرصفة وأنهر الطرق بكل «وقاحة».. يفعلون ذلك بكل بساطة وكأنهم لا يرتكبون أى مخالفة، وحينما تقوم الشرطة بواجبها لإزالة التعديات تقوم الدنيا ولا تقعد، ويتحول الجانى إلى ضحية تحت مسميات عديدة، وللأسف يجد الكثيرين ممن يتعاطفون معه، على الرغم من أنه هو المخالف والجانى فى الوقت نفسه.
الوقاية من الخطأ أفضل من علاج تبعاته وأقل تكلفة بالتأكيد، فلو تصورنا حجم التكاليف المهدرة فى التعدى على الشوارع أو الأراضى الزراعية وتكلفة إزالتها، وتكلفة إعادة الشيء إلى أصله ـ لو استطعنا إعادته ـ لعرفنا قيمة الإمكانات المهدرة فى كل تلك العمليات.
الثورة العقلية باتت ضرورة ملحة، وأتمنى أن يكون لها أب شرعى ووزارة معنية فى المستقبل القريب.