القطن غريب فى بيته..! بقلم عبدالمحسن سلامة
شىء غريب وعجيب، أن نقف متفرجين ونحن نفقد المزايا النسبية, التى نتمتع بها مثل القطن المصرى، الذى كان يتربع على عرش مملكة القطن فى العالم لسنوات طويلة, وعقود عديدة، حتى بدأنا نتجاهله, وننسحب رويدًا رويدًا من المنافسة،ليتحول القطن، الذى كانت تقام له «الأفراح والليالى الملاح» إلى عبء ثقيل على كاهل المزارعين والمنتجين، ونتركهم فريسة للحظ والمضاربات, حتى صار اسم القطن المصرى لايذكر إلا محاطا بعويل وحسرة، كما أشارت الزميلة «مى الخولى» فى «تحقيقها المتميز» عن القطن المصرى المنشور يوم الخميس الماضى على صفحات الأهرام.
كانت مصر تمد العالم بنحو 20% من الأقطان طويلة التيلة والطويلة الممتازة, وهو ما تنفرد به مصر عن بقية ما ينتجه العالم من أقطان التى يطلق عليها «الأبلاند» المتقاربة فى الصفات لكنها ليست بتميز الأقطان المصرية.
كان إجمالى ما ينتجه العالم من الأقطان الممتازة فى عام 1985 هو2567 بالة, وكان الإنتاج المصرى يبلغ 619 بالة، تليها السودان 358 بالة، ثم الولايات المتحدة الأمريكية 95 بالة، أى أن مصر كانت تنتج نحو ربع إنتاج العالم من هذه الأقطان، حتى انهارت زراعته فى مصر، وتآكلت المساحة المزروعة، وأصبحنا نقوم بتصنيع قطن لا نزرعه.
هى مأساة كبيرة أن نتحول من دولة مصدرة للقطن إلى دولة مستوردة له، والمؤسف أكثر أن القطن مازال يتمتع بسمعة عالمية متميزة، ولايزال مطلوبا فى الكثير من دول العالم، ولقد التقيت أحد رجال الأعمال المصريين المقيمين فى أمريكا هو المستثمر كرم خليل، المتخصص فى استيراد المفروشات المصرية القطنية, وحكى لى كيف أنه يجد معاناة غير عادية فى توفير الكميات التى يرغب فى تصديرها إلى أمريكا, وأنه ذهب إلى كل الجهات المعنية بدءًا من المسئولين بوزارة الصناعة والتجارة، وانتهاء برؤساء الشركات المتخصصة فى هذا المجال.
أرجو أن ينال ملف القطن المصرى ما يستحقه من اهتمام من السادة المسئولين ليعود إلى عرشه المفقود، ونستفيد من اسمه الذى لايزال متألقا.