ما بين نهر النيل وبوتوماك... بقلم عبدالمحسن سلامة
فى واشنطن تشاهد نهر بوتوماك، أحد الأنهار الأمريكية الشهيرة، حيث يعتبر الرابع فى الترتيب بين الأنهار، التى تصب فى المحيط الأطلسي، من حيث المساحة، والحادى والعشرين بين أنهار الولايات المتحدة بشكل عام، ويبلغ طوله نحو 665 كيلومترا، ويعيش أكثر من 5 ملايين نسمة حول ضفافه.
فى منطقة جورج تاون، ذلك الحى التاريخى فى العاصمة الأمريكية، تقام العديد من المناطق الترفيهية والتجارية على ضفاف نهر بوتوماك، دون أن تغتال تلك المناطق حرم النهر، أو تعتدى عليه، مما يحافظ على جمال النهر وروعته، وحق كل المواطنين فى الاستمتاع به.
نهر بوتوماك لا يقارن بنهر النيل، من حيث المساحة والأهمية، لكن هناك فارقا ضخما يتمثل فى كيفية التعامل مع تلك الثروة الطبيعية.
ففى واشنطن لا توجد اعتداءات، أو تعديات، أو فوضي، أو عشوائيات على ضفتى النهر، بل هناك التزام كامل بكل الضوابط الصارمة فى الحفاظ عليه، فى حين نجد العكس فى التعامل مع نهر النيل، حيث يعانى التعديات والعشوائيات فى معظم المناطق، باستثناءات قليلة، ويتم حرمان المواطن من الاستمتاع بحقه فيه، وتتنوع الاعتداءات؛ مثل المبانى الخرسانية التى أقيمت تحت سمع وبصر أجهزة وزارة الرى على مدى عقود طويلة، وحديثا انتشرت البواخر السياحية الثابتة والمتحركة، التى هى عبارة عن عمارات كاملة مقامة فى النيل تقوم بصرف مخلفاتها فى مياهه، وتسهم فى تلويث مياهه، وترتكب كل أنواع الجرائم البيئية دون أن يردعها أحد، بالإضافة إلى اغتصاب حق المواطنين فيه.
لدينا كنوز كثيرة، لكن، للأسف الشديد، تراكم الإهمال، والعشوائيات أسهم فى تحويل تلك المزايا إلى عيوب قاتلة، كما يحدث فى التعامل مع نهر النيل، وهذا هو الفرق بينه وبين نهر بوتوماك الصغير فى واشنطن.