العبور الثانى.. بقلم عبدالمحسن سلامة
أمس، قام الرئيس عبدالفتاح السيسى بإطلاق إشارة البدء للعبور الثانى إلى سيناء، بعد العبور الأول، الذى أطلقه الزعيم الراحل أنور السادات فى حرب أكتوبر المجيدة عام 1973، حينما قامت القوات المسلحة المصرية بعبور قناة السويس، وتدمير خط بارليف؛ لتعود سيناء إلى أحضان الوطن الأم، عزيزة، مرفوعة الرأس..
ومن قبيل المصادفة، أن العبور الأول كان فى السادس من أكتوبر الموافق العاشر من رمضان، ثم جاء العبور الثانى أمس ونحن اليوم فى بداية الشهر الكريم..
العبور الثانى جاء فى إطار سياسة وإستراتيجية الدولة لتعمير سيناء، فلا يمكن أن تظل سيناء بعيدة عن أحضان الوطن، ومن هنا كان توجيه الرئيس عبدالفتاح السيسى بضرورة ربط سيناء بالوطن الأم، وتسيير حركة النقل والتجارة معا، بعيدًا عن التعقيدات والعراقيل.
لا يعقل أبدًا أن يقف راغبو الذهاب إلى سيناء، والعائدون منها، بالساعات أمام نفق الشهيد أحمد حمدى، أو كوبرى السلام، مما يعرقل اندماج سيناء مع الوطن الأم، ويجعل الذهاب والعودة منها وإليها رحلة عذاب طويلة، والأهم من ذلك كله يجعل من تنمية سيناء واقعا مستحيلا نتيجة تعثر الانتقال منها وإليها.
الأنفاق الجديدة، التى تم افتتاحها، أمس، هى المنظومة الأضخم فى تاريخ مصر، وربما على مستوى العالم أيضا، من حيث الأطوال، والأقطار، وحجم الأعمال، والخطة الزمنية القياسية للتنفيذ.هذه الأنفاق سوف تختصر زمن العبور بين ضفتى القناة إلى أقل من 15 دقيقة تقريبا، وهو زمن قياسى سوف يفتح الباب واسعا أمام انطلاق إستراتيجية تنمية سيناء على جميع المحاور، واستغلال ثرواتها، وإعادة توزيع الخريطة السكانية لمصر من خلال استيعاب ملايين المصريين الراغبين فى العمل والسكن هناك.
ما حدث، أمس، لا يقل أهمية عن قرار العبور فى 1973، وهو إنجاز تأخر ما يقرب من 46 عاما، لكن العزاء الوحيد أنه إنجاز ضخم جاء ليعوض كل هذا التأخير.