مانديلا وثوار السودان والجزائر.. بقلم عبدالمحسن سلامة

أتابع بقلق ما يحدث فى السودان والجزائر، وقلبى مع الشعبين الشقيقين، متمنيا لهما كل الخير والتقدم، فالجسد العربى واحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى, وأعلم أن حساسية الثوار تكون مرتفعة, ولذلك سوف أذكرهم، فقط، برسالة «نيلسون مانديلا»، ذلك الزعيم الإفريقى الملهم، إلى الثوار العرب، عقب اندلاع ما عرف بثورات «الربيع العربى» فى مصر وتونس، والتى تصلح أن تكون رسالة للثوار فى السودان والجزائر، الآن، وفى كل مكان وزمان.

بدأ مانديلا رسالته باعتذاره عن الخوض فى الشئون الخاصة بالثوار العرب، موضحا أن رسالته جاءت من منطلق إحساسه بواجب النصح، والوفاء، ورد الجميل، لمساندة العرب له، ولبلاده، فى مناهضة الفصل العنصرى.

وأضاف مانديلا أن معظم وقت الثوار هُدر فى سب وقذف كل من كانت له صلة بالنظم البائدة, وكأن الثورة لا يمكن أن تكتمل إلا بالتشفى والإقصاء، مشيرا إلى أن أكبر تحدٍ واجهه هو أن قطاعا واسعا من السود كانوا يريدون أن يحاكموا كل من كانت لهم صلة بالنظام العنصرى السابق فى جنوب إفريقيا, ورفض أن يفعل ذلك, وبرهنت الأيام سلامة وصدق توجهه, ولولا ذلك لانجرفت جنوب إفريقيا إلى حرب أهلية، أو ديكتاتورية جديدة, ودعا الزعيم الإفريقى الثوار إلى تذكُر أن أتباع النظم السابقة هم، فى النهاية، مواطنون ينتمون لبلادهم, ولا يمكن جمعهم ورميهم فى البحر، أو تحييدهم, ثم إن لهم الحق فى التعبير عن أنفسهم, وهو حق ينبغى أن يكون احترامه من أبجديات ما بعد الثورة، مشيرا إلى أن النظر إلى المستقبل، والتعامل معه بواقعية، أهم بكثير من الوقوف عند تفاصيل الماضى المرير, وأكد أن إقامة العدل أصعب من هدم الظلم، لأن الهدم فعل سلبى, بينما البناء فعل إيجابى.

هى رسالة مهمة، ولا يتسع المكان لنشرها كاملة, وأتمنى من الثوار فى الجزائر والسودان قراءتها بعناية، والتدقيق فى كل معانيها, فلا أحد يختلف على شخصية «نيلسون مانديلا»، كزعيم إفريقى ملهم، ذاق مرارة الظلم، وأقام بين جدران السجون 10 آلاف يوم، ثم خرج ليؤسس دولة عصرية حديثة، ونجح فى ذلك.

 

Back to Top