فاروق جويدة والكتاب.. بقلم عبد المحسن سلامة
على مدى أسبوعين متتالين، أثار الكاتب الكبير، الأستاذ فاروق جويدة، أزمة القراءة ومستقبل الكتاب، وكيف يشعر بالحزن والألم كلما طافت عيناه على تلال الكتب، التى تحيط به فى بيته ومكتبه، وتساءل: هل صحيح أن الكتاب بدأ رحلة الوداع من دنيا البشر؟، وأن هذا الصديق الوفى لم يعد يجد الرعاية فى بيت، أو وطن، أو زمان، وقرر أن ينسحب اعتزازا بكرامته وتاريخه، وبعد أن قدم للبشرية أعظم عقولها، وللإنسانية أروع إبداعاتها، مشيرا إلى أن المخطوطات القديمة، أكبر شواهد الحضارة القديمة، مازالت تباع فى المزادات مثل الجواهر الثمينة، ومازالت تزين جدران البيوت والمتاحف، وتساءل مرة ثانية عن انسحاب الكتاب، وعلاقته بانسحاب كتب التراث والمخطوطات من ذاكرة الشعب، والأخطر من ذلك ما هو متعلق بالكتب السماوية المرتبطة بالديات السماوية، والمحفوظة فى قلوب أصحاب هذه الديانات، والقواعد الخاصة بطبع هذه الكتب والحفاظ عليها، وطرح المخاوف من ترك هذه الكتب المقدسة لعبث النت، ومواقع التواصل الاجتماعى، وخطورة العبث بها لو تم تركها بعيدا عن الكتب المطبوعة.
ما كتبه الأستاذ فاروق جويدة جرس إنذار مبكر للقراء، والباحثين، والمهتمين، معا، للحفاظ على عادة القراءة، وضرورة البحث عن حلول لتلك المشكلة، خاصة أن كل ما نحن فيه من تقدم، وحضارة، يرجع إلى جيل قارئ، ومثقف، استطاع، من خلال قراءاته وثقافته، أن يصنع كل هذا التقدم، الذى نعيش فيه الآن، وما يتعلق به فى المجالات الحياتية المختلفة.
الثقافة، والعلم، والكتب، والمراجع، والصحف، هى التى صنعت الحضارة الحديثة، والخطورة أن تظهر أجيال جديدة سطحية، ويبدأ عصر الضمور العقلى البشرى، والتراجع من جديد.
أظن أن القضية تحتاج إلى مزيد من الجهد، من جانب الكتاب، والمثقفين، والباحثين، للوصول إلى رؤية مشتركة، للحفاظ على مستقبل البشرية، قبل أن تبدأ عصور ظلام جديدة.