ما بعد السبسى فى تونس
رحم الله الباجى قايد السبسى، رئيس الجمهورية التونسية، الذى وافته المنية الخميس الماضى، وقلبى مع الشعب التونسى الشقيق، آملا أن يستطيع عبور تلك المرحلة الصعبة فى تاريخه. الباجى قايد السبسى كان صيغة متوازنة، نجحت فى الخروج بتونس من مأزق شديد الصعوبة والتعقيد، فهو أحد الرموز التاريخية بتونس, وعمل بالسياسة ما يقرب من 7 عقود، منها ما يتعلق بعمله فى ظل قيادة الرئيس التونسى الأسبق الحبيب بورقيبة, رحمه الله، ومنها ما يتعلق بعمله، أيضا، تحت قيادة الرئيس زين العابدين بن على، آخر رؤساء تونس قبل الثورة. وبعد قيام الثورة، شهدت تونس حالة من التوتر، لم تنتهِ إلا بوصول السبسى إلى رئاسة الجمهورية، بعد أن نجح فى الإنتخابات عام 2014 أمام الرئيس المؤقت، المنتهية ولايته، المنصف المرزوقى، وفاز عليه بنسبة 55,68%، ليتسلم مهام عمله فى 31 ديسمبر 2014, وقد أثير جدل كبير حول إمكان ترشحه لولاية جديدة بسبب عمره المتقدم، 93 عاما, إلا أنه كان الصيغة التوافقية المثلى للشعب التونسى، وقد شاهدت حوارا له فى إحدى القنوات الفضائية، وهو لم ينف، أو يؤكد، ترشحه، وإنما أكد فقط أن هذا حق دستورى، وله مكانه وزمانه، ليترك الباب مفتوحا أمام القرار النهائى له, إلا أن الوفاة كانت أسرع. الأمر المؤكد أن الرئيس التونسى الراحل كان أحد القادة التاريخيين فى تونس، والذى ترك فراغا هائلا يحتاج إلى من يشغله، ليكمل إنقاذ تونس من التطرف والعنف، ويضعها على طريق الانطلاق والتقدم، بعد أن باتت، الآن، فى مفترق طرق.