رحلة الست سنوات تطارد الأكاذيب والشائعات

بقلم: عبد المحسن سلامة

أكاذيب وشائعات وحالة من حالات الهوس والجنون، تحاول جماعات الشر بكل أطيافها إطلاقها من خلال قلب الحقائق والمغالطات وتشويه الإنجازات وافتعال الأزمات.

لم يعد الأمر يتعلق بخلاف سياسى أو فكرى وإنما تحول إلى حرب "هيستيرية مجنونة"، هدفها القفز على السلطة أيا كان الثمن، حتى لو كان ذلك تدمير الأمة.

مؤامرة واضحة المعالم والأبعاد تم كشفها من قبل، وثار الشعب عليها فى 30 يونيو 2013، إلا أن رؤوس تلك المؤامرة فروا هاربين، ليجدوا من يحتضنهم فى "تركيا"، ويقوم بتمويلهم من "قطر" بهدف تدمير الدولة ومؤسساتها، وفرض مخططات التقسيم وأجندات الفوضى الخلاقة، التى ظهرت بوادرها فى وهم ولاية "داعش" فى سيناء، لدرجة أن هؤلاء المجرمين والإرهابيين وجدوا من يتفاوض معهم على أرضية واحدة من نظام الإخوان الذى كان يحكم حينذاك.

محمد مرسى، رئيس الإخوان المعزول، تعامل مع المجرمين والإرهابيين الخاطفين للجنود على أنهم يمثلون "ولاية فعلية"، وهو ما عبر عنه فى جملته الشهيرة فى أثناء تلك الأزمة الكاشفة لحكم الأخوان، حينما طالب الأجهزة الأمنية بضرورة "الحفاظ على سلامة الخاطفين والمخطوفين".

حادث مأساوى بشع وقع فى بداية مايو 2013 حينما تعرض سبعة من الجنود المصريين الأبطال لحادث اختطاف فى سيناء على يد مجموعة من الإرهابيين المنتمين لـ"داعش" و"القاعدة".

بعض الخاطفين كانوا مشاركين فى أحداث اقتحام قسم ثانى العريش، ولهم علاقات وثيقة بجماعة الإخوان، لذلك كان شعار التفاوض معهم هو "الحفاظ على الخاطفين والمخطوفين".

هذا الحادث ليس ببعيد عن تصريحات محمد البلتاجى، أحد قادة الأخوان المحكوم عليه بالإعدام على ذمة قضايا متعددة منظورة أمام المحاكم الآن، حينما صرح، بعد قيام ثورة 30 يونيو، بأنه قادر وجماعته على إشعال سيناء إذا تم عزلهم وإنهاء حكمهم.

أحداث "مأساوية" ولكنها "كاشفة" لما كان "يحاك" من مؤامرات ضد مصر وشعبها، وهم الآن يحاولون بـ"هيستيريا" غير مسبوقة إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، لتكرار ذلك السيناريو "الكارثي" الذى قاومه الشعب بكل ما يملك، ونجحت ثورته الهائلة فى30 يونيو فى الانتصار للدولة المصرية ومؤسساتها وجيشها وشرطتها.

لم يكن حادث اختطاف الجنود هو الحادث المأساوى الوحيد، لكنه كان ضمن مسلسل طويل وضخم، شمل اقتحام المراكز والأقسام، وحرق المؤسسات العامة والخاصة والمتاحف والمراكز البحثية والعلمية، فى إطار خطط تفكيك وتدمير جميع مؤسسات الدولة.

كانوا ولايزالون يستهدفون حرق وتدمير كل شىء من أجل أن يقوموا هم بالبناء على طريقتهم، ووفقا لخيالهم المريض، حتى وإن كان ذلك على حساب وطن وشعب بأكمله.

ما كان يحدث خلال تلك الفترة "الكارثية" من عمر الوطن لم يكن ببعيد عن السيناريو السورى والليبى واليمنى والعراقى.

الفرق الوحيد بين مصر وتلك الدول كان هو وعى الشعب المصرى، الذى استعاد عافيته بسرعة، وخرج فى ثورة عظيمة فى 30 يونيو، ليصنع ملحمة مع جيشه الوطنى، ويسترد زمام أموره من جديد.

ثورتان فى أقل من 3 سنوات، ومؤامرة ضخمة كانت تستهدف كيان الوطن نفسه، وهو ما جعل المشهد شديد الصعوبة والتعقيد فى آن واحد، عقب تلك السنوات العجاف.

انهيار اقتصادى ضخم وصل إلى درجة اختفاء العديد من السلع من الأسواق، وتفاقم أزمة الوقود والطاقة، وانتشار ظاهرة الانقطاع المتكرر للكهرباء فى البلاد وعرضها بلا استثناء.

امتدت الأزمة إلى رغيف الخبز بعد أن ساءت حالته، وكانت الطوابير أمام المخابز ظاهرة يومية، وظهرت المصطلحات المستجدة فى الصحافة اليومية مثل "شهداء الخبز" و"شهداء البوتاجاز".

انعكس الانهيار الاقتصادى والأزمات الاقتصادية الطاحنة على وضع مصر الاقتصادى، ليتراجع التصنيف الائتمانى إلى مستوى كارثى غير مسبوق (CCC+)، بعد أن شهد موجة من التراجع من "B+" إلى "B-" ثم "C"، لينتهى إلى "CCC+".

الآن تغير الوضع تماما، وبحسب تقرير مؤسسة "جولدن مان ساكس"، أحد أكبر المؤسسات المالية العالمية، الذى أصدرته أخيرا، فقد أشاد التقرير بالوضع الاقتصادى فى مصر، مشيرا إلى أن الاقتصاد المصرى لايزال قويا وراسخا، وينمو بشكل حقيقى، وهو ما يجعله الأقوى بين الأسواق الناشئة.

أشار التقرير الذى صدر فى نهاية الأسبوع الماضى إلى أن الجنيه المصرى استعاد عافيته، وسيظل محافظا على اتجاهه التصاعدى، فى ظل التوقعات الإيجابية بزيادة التدفقات الأجنبية إلى مصر, كما توقعت "جولدن مان ساكس" استقرار معدلات التضخم عند 4.5% خلال الفترة المقبلة، وهو أقل من المعدل المستهدف من البنك المركزى، إلى جانب ذلك فقد حافظت وكالات التصنيف الدولى المتخصصة فى التصنيف الائتمانى على تثبيت التصنيف الائتمانى المصرى عند مستوى "B" مع نظرة مستقبلية مستقرة، ليظل محتفظا بمستواه قبل "أزمة كورونا".

كان الإخوان وجماعات التطرف والإرهاب، ومن يساندهم فى الخارج والداخل، يراهنون على استمرار تردى الأوضاع الاقتصادية، وانهيار مؤسسات الدولة وتفكيكها، وهو ما يعنى إعادة الروح لمشروعهم "الوهمى"، إلا أن قدرة الدولة المصرية وشعبها على استعادة زمام الأمور، ودوران عجلة العمل والإنتاج، وانطلاق المشروعات فى جميع المجالات، أصاب تلك الجماعات الشريرة بحالة من "الهذيان"، فى محاولة فاشلة لقلب الحقائق وتشويه الإنجازات والتشكيك فى كل الإجراءات.

اختفت مشكلات مزمنة مثل مشكلات الطاقة والبوتاجاز والكهرباء والخبز، وأصبحت مشكلات تاريخية، لم يعد لها وجود، وانطلقت مشروعات قومية ضخمة فى مجالات الإسكان والزراعة والصناعة والطرق والكبارى والأنفاق.

تغيير جذرى وعميق يطرأ على الدولة المصرية فى كل المجالات، بهدف تعويض ما فات من سنوات ربما تمتد إلى أكثر من 5 عقود، وبدلا من أن يفيق هؤلاء "الفارين" إلى قطر وتركيا، ويراجعوا أنفسهم، بدأوا خطة فاشلة للتحالف مع الشيطان من أجل محاولات "يائسة"، لإيقاف دوران عجلة الزمان وإيقاف خطوات الإصلاح والتنمية.

الأربعاء الماضى، وداخل الجامعة المصرية- اليابانية، إحدى القلاع العلمية العملاقة التى أقيمت أخيرا فى مصر، حذر الرئيس عبدالفتاح السيسى من "المشككين" و"المتآمرين" الذين يستهدفون تدمير الدولة المصرية، مشيرا إلى أن حجم الجامعات والمدارس التى أنشئت خلال السنوات الست الأخيرة أضعاف ما حدث فى 40 عاما.

لغة الأرقام لا تكذب، حيث تم إنشاء ٧٦ ألف فصل دراسى خلال السنوات الست الماضية، فى حين زادت أعداد الجامعات من 41 إلى 72 جامعة، بزيادة 76% فى عدد الجامعات التى تم إنشاؤها فى مصر طيلة تاريخها.

فى 2015 لم يكن للجامعات المصرية نصيب فى تصنيف أفضل الجامعات على مستوى العالم، وهذا العام 2020 شهد وجود 21 جامعة مصرية ضمن تصنيف الجامعات الأفضل فى العالم.

الميزة هنا أن القصة لم تتوقف عند التطور الكمى فقط، لكنه تخطى ذلك إلى التطور النوعى والجودة، وهو ما حدث أيضا فى قطاع التعليم قبل الجامعى، حينما شرعت وزارة التعليم فى تجربة تكنولوجية عملاقة، كان البعض يشكك فيها، إلا أنه حينما ظهرت "كورونا" كانت تلك المبادرة المصرية الرائدة هى "طوق النجاة" للعام الدراسى الماضي، وهى التجربة التى لفتت انتباه المنظمات العالمية المتخصصة، والتى أعادت سمعة مصر التعليمية إلى سابق عهدها فى إفريقيا والمنطقة العربية.

الالتفات إلى المشككين والمتآمرين يعنى ببساطة إيقاف دوران عجلة الانطلاق نحو المستقبل، وعرقلة بناء مصر الحديثة، وإعادة سيناريوهات الفوضى والانفلات، وتفكيك مؤسسات الدولة، وكلها "أوهام طائشة" سوف تتحطم على صخرة وعى المواطن المصرى الذى عاش تلك الفترة المظلمة من تاريخ الوطن وتخلص منها، ولن يعود إليها مهما تكن أفعالهم "الشيطانية الخبيثة".

Back to Top