"الصفعة المدوية" التى "كشفت" مؤامرة هدم الدولة
بقلم: عبدالمحسن سلامة
لا أعتقد أن المحاولة الفاشلة لهروب عناصر من "داعش"، المحكوم عليهم بالإعدام، من سجن طرة ببعيدة عن سيناريو المؤامرة الكبرى التى تتبناها تركيا وقطر بالأصالة عن نفسهما، وبالوكالة عن الآخرين، لإسقاط الدولة المصرية أو على الأقل "إرباكها"، بعد أن نجحت الدولة المصرية فى استعادة قوتها وحيويتها على المستويات المحلية والإقليمية والدولية بأسرع مما هو متوقع، وفى أقل فترة زمنية ممكنة، لم تتجاوز السنوات الست.
بداية خيوط المؤامرة بدأت تتكشف بعد عودة المقاول الهارب من قبضة العدالة إلى الظهور مرة أخرى، بعد اختفاء طويل استمر ما يقرب من العام، بعد فشل دعوته السابقة واعترافه بالفشل، وإعلانه "يأسه" و"إحباطه" فى تصريحاته وفيديوهاته المتداولة له.
اختفى المقاول الهارب من قبضة العدالة، وذهب ليعيش حياته "المرفهة" بأموال المصريين التى فر بها إلى حيث يسهر الليالى فى "البارات" و"المواخير"، ويستمتع بالطريقة التى اختارها لنفسه، وينفر منها كل مصرى أصيل، لأنها تنافى عاداتنا وتقاليدنا.
فجأة ظهر المقاول الفاشل من جديد بعد إعلانه الاعتزال، لكن هذه المرة لم يكن ظهوره "عشوائيا"، كما فى المرة الأولى، وإنما كان ظهوره هو خيطا ضمن خيوط مؤامرة كبرى تستهدف زعزعة أركان الدولة المصرية، حتى لو كان ذلك من خلال "ورقة محروقة"، لأنه لم يعد أمام من يحرك تلك المؤامرة أوراق أخرى يمكن الدفع بها على الأقل فى تلك المرحلة.
ظهر المقاول الهارب لينفذ أجندات الغرف المظلمة، وأجهزة المخابرات المعادية، فكان بداية المخطط هى الدعوة للخروج والتظاهر يوم الأحد الماضى، وبدأت خيوط المؤامرة تتضح من خلال احتضان قنوات الشر فى تركيا وقطر له، وتسخير كل إمكاناتها للحشد لتلك الدعوات المشبوهة.
وضع المخططون للمؤامرة كل إمكاناتهم للحشد المؤجج بالشائعات والأكاذيب، واختلاق الأزمات، والضرب على أوتار الظروف المعيشية تارة، أو القرارات التنظيمية الخاصة بمنع العشوائيات وتقنين المخالفات تارة أخرى، أو إشاعة الأكاذيب وافتعال الأزمات بشكل مثير للاشمئزاز.
كانت الصدمة الكبرى لرءوس المؤامرة فى تركيا وقطر وأتباعهم فى الخارج والداخل هى فشل تلك الدعوات، وباستثناءات قليلة لا تكاد تذكر من بعض أتباع جماعة الإخوان والجماعات الإرهابية، لم يكن هناك ما يستحق الإشارة إليه، لدرجة أصابت المقاول الهارب بالهذيان، واعترف شخصيا بالفشل، بل إنه بدأ يكيل الاتهامات للشعب المصرى كله، ويسبه بـ"أفظع" الألفاظ، لأنه لم يستجب لـ"سفالاته" و"جنونه".
كان من الممكن أن ينتهى المشهد عند هذا الحد، إلا أن ما يؤكد المؤامرة ما حدث فى الأيام التالية حتى يوم الجمعة الماضى.
انتابت حالة من "السعار" قنوات الشر فى تركيا وقطر، لدرجة أن من يفتح هذه القنوات لابد أن "يلعنهم" بأفظع الألفاظ، فهم ينقلون مشاهد لا أساس لها، أو يقومون بـ"فبركة" مشاهد عادية جدا توجد فى كل الشوارع المصرية المزدحمة بطبيعتها، وتركيب أصوات عليها وإذاعتها على أنها صور لمظاهرات حقيقية.
مشاهد لا تتجاوز العشرات فى خطوط سير عادية يمكن مشاهدتها فى كل مكان فى مصر فى أيام العمل العادية التى تمتد من السابعة صباحا حتى العاشرة مساء.
وسط هذه المشاهد العادية يتم الزج بأحد العناصر المأجورة والتابعة للجماعات الإرهابية، للتصوير وإرسال تلك المشاهد "العبثية" إلى قنوات تركيا وقطر دون غيرهم من القنوات العالمية والعربية.
تابعت كل قنوات العالم الإخبارية بدءًا من CNN و،BBC، وروسيا اليوم، وفرنسا 24، والدويتش فيله، وغيرها من القنوات العربية والأجنبية، ولم أجد "سعارا" أو "تشويها" أو "كذبا" إلا فى قنوات تركيا وقطر، بما يؤكد أكاذيبهم ويفضح خيوط المؤامرة التى يقومون بها.
المشاهد المزيفة كانت كاشفة لتلك المؤامرة الدنيئة، وفضحت كل من يقف وراءها ويمولها، ويؤكد التورط التركى الواضح فى احتضان تلك المؤامرة، وقيام قطر بالتمويل والاحتضان فى الوقت نفسه، بعد أن تحولت قنواتها إلى منبر لنشر تلك السموم القاتلة.
أكثر من 6 قنوات ليس لها هدف سوى بث الأكاذيب والشائعات و"فبركة" المشاهد والأحداث بطريقة "مؤسفة" و"فجة"، لا تنتمى إلى الإعلام بصلة، وإنما تؤكد ضلوع تلك القنوات فى مؤامرة كبرى تستهدف الدولة المصرية بكل أركانها ومؤسساتها، لعل وعسى أن تجد آذانا مصغية لها.
تزامن مع تلك المؤامرة إحباط المحاولة الفاشلة لبعض المحكوم عليهم بالإعدام من عناصر تنظيم "داعش"، بعد محاولتهم الهرب من السجن الأسبوع الماضى، فى محاولة يائسة لإعادة مشاهد الفوضى فى السجون واقتحامها، إلا أن ضباط الشرطة "البواسل" كانوا لهم بالمرصاد وأحبطوا تلك المحاولة على الفور، وضحى 3 من رجال الشرطة "البواسل" بأنفسهم، ونال جميعهم الشهادة فى مهمتهم المقدسة، وفشلت المؤامرة وتمت تصفية الإرهابيين وقتلهم.
هذا المشهد يجب ألا يمر مرور الكرام، وإنما يجب وضعه فى إطار المؤامرة الكبرى التى اتضحت كل معالمها خلال الأسبوع الماضى، وكشف "المتآمرون" عن وجوههم القبيحة التى تريد إعادة تكرار مشاهد "مأساوية" عاشها المواطن المصرى، ويرفض تكرارها مرة أخرى تحت أى مسمى.
كان "الإرهابيون" يخططون للهروب من السجن، وإحداث حالة من الفوضى، ليهرب باقى "المساجين"، كما حدث فى اقتحام السجون فى 2011، وربما كانت تنتظر قناة الجزيرة، كما فعلت من قبل، اتصالا هاتفيا من أحدهم، يخبر القناة فيه بنجاحهم فى الهروب من السجن، ليكون بداية لما يحلمون به من إشاعة للفوضى، كما حدث بالضبط فى 2011، لتتكرر السيناريوهات المشئومة التى ثار الشعب عليها فى 30 يونيو منذ 7 سنوات.
يوم الجمعة الماضى كان بمنزلة "الصفعة المدوية" على وجوه أهل الشر وقادتهم وأتباعهم فى الداخل والخارج، لأنه اليوم الذى بذلوا لأجله كل ما يستطيعون من تمويل وشحن وخطط، وسخروا كل إمكاناتهم بشكل "فج" و"فاضح"، عسى أن يجدوا آذانا مصغية لهم، حتى لو كانت "محدودة"، ليثبتوا لأنفسهم ولأتباعهم أنهم لا يزالون "أحياء"، وأن هناك من يتعاطف معهم من الشعب المصرى.
كانت "الضربة القاضية"، التى وجهها الشعب المصرى كله لكل "المتآمرين" فى تركيا وقطر وأتباعهم فى الداخل والخارج، تتمثل فى عدم الاستجابة لتلك الدعوات "المجنونة"، ورفض التحريض ودعوات الهدم والتخريب، ليمر يوم الجمعة كأى يوم عادى مثل تلك الأيام الهادئة الطبيعية المعتاد عليها فى أيام الإجازات والعطلات.
ظللت فى مكتبى طيلة يوم الجمعة، ومرت طقوس اليوم كالمعتاد بشكل طبيعى، وكنت أتابع الأخبار أولا بأول، وأتابع، فى الوقت نفسه، القنوات الإخبارية العالمية المختلفة.
استوقفنى فى موجز الرابعة والنصف عصرا بتوقيت القاهرة من الـBBC ما جاء فى الموجز من مراسلى القناة من أنه لا يوجد ما يؤكد ما تبثه قنوات قطر وتركيا، ولا يوجد أى أثر لذلك على أرض الواقع.
أيضا جاء بيان الوكالة الفرنسية بـ "فبركة" فيديو قديم يعود إلى 7 سنوات مضت، ليفضح أكاذيب وجنون تلك القنوات، وليكون بمنزلة "الضربة القاصمة" لهم.
أكدت الوكالة أن الفيديوهات التى تمت إذاعتها "مفبركة"، وتعود إلى 2013، وتم تركيب أصوات على التظاهرات القديمة التى كان يهتف بها أنصار جماعة الإخوان عقب نجاح ثورة 30 يونيو.
أعتقد أن ما حدث الأسبوع الماضى درس قاس جديد من الشعب المصرى لكل من يحاول استهداف الدولة المصرية من الخارج أو الداخل، بعد أن وعى الشعب المصرى الدرس جيدا، ولن ينخدع مرة أخرى مهما تكن شراسة المؤامرة.
يبقى أن يتحول وعى الشعب المصرى الرائع إلى طاقة عمل جبارة فى كل المجالات، لتعويض كل ما فات خلال العقود الطويلة السابقة من أجل تحقيق حلم المصريين فى إقامة دولة عصرية مدنية حديثة بكل معنى الكلمة، ويتم استكمال مسيرة الإنجازات التى بدأت منذ ست سنوات فى مختلف المجالات وعلى مختلف الأصعدة، وليذهب المتآمرون إلى الجحيم.