"مستقبل مصر".. فى "الدلتا الجديدة"
بقلم/ عبد المحسن سلامة
بحسبة بسيطة نجد أن مساحة الأراضى الزراعية القديمة حوالى 6.1 مليون فدان موزعة فى الدلتا والصعيد، بواقع 3.5 مليون فدان تقريباً فى الدلتا، وباقى المساحة موجودة فى صعيد مصر، فى حين أن مساحة الأراضى المتوقع زراعتها فى الدلتا الجديدة تصل إلى ما يقرب من مليون، ونصف المليون فدان أى بنسبة تتراوح بين 30 إلى 35% من مساحة الدلتا القديمة البالغة 3.5 مليون فدان.
يعيش على أراضى الدلتا القديمة ما يقرب من 30 مليون مواطن باستثناء سكان القاهرة الكبرى فإذا طبقنا نفس المعايير فمعنى ذلك أن الدلتا الجديدة يمكن أن تستوعب ما يقرب من 10ملايين نسمة بعد اكتمال تنفيذها خلال العامين المقبلين.
الدلتا الجديدة مشروع قومى عملاق جديد يجرى تنفيذه على أرض الواقع بجدية شديدة، وبخطوات متسارعة، وقد ظهرت بشائره فى مشروع مستقبل مصر الذى زاره الرئيس عبدالفتاح السيسى مؤخراً، وتفقده للمساحات التى تم استصلاحها، واستزراعها كمرحلة أولى بلغت حوالي 200 ألف فدان.
ميزة مشروع الدلتا الجديدة أنه يقع بالقرب من الدلتا القديمة فى محافظات الوجه البحرى، وسوف يسهم فى تخفيف التكدس اللامعقول فى الدلتا القديمة، كما أنه سوف يتيح الفرص أمام إقامة تجمعات سكانية، وعمرانية، وصناعية، تسهم فى توفير ملايين من فرص العمل، والأهم من كل ذلك أنه يأتى فى إطار الاستغلال الأمثل لمصادر المياه سواء أكانت مياها جوفية أم مياه صرف معالجة تمت معالجتها، وفق أحدث النظم العالمية.
أما محاصيل الدلتا الجديدة فهى محاصيل شبيه بمحاصيل الدلتا القديمة مثل القمح، والبقوليات والخضر والفاكهة، وهى المحاصيل الأهم بالنسبة للاحتياجات الغذائية للمواطن المصرى.
سألت وزير الزراعة، واستصلاح الأراضى السيد القصير: هل مشروع الدلتا الجديدة يدخل ضمن إطار مشروع المليون ونصف المليون فدان الذى أعلن عنه الرئيس عبدالفتاح السيسى قبل ذلك، أم أنه مشروع مختلف تماماً عنه؟
أجاب وزير الزراعة: مشروع الدلتا الجديدة مشروع مختلف تماماً عن مشروع المليون، ونصف المليون فدان لكنهما معاً وغيرهما من تلك المشروعات يدخلون ضمن خطة الرئيس عبدالفتاح السيسي لزيادة رقعة مساحة الأراضى الزراعية أفقياً كما أعلن فى بداية توليه المسئولية، وطموحه بإضافة ما يقرب من 4 ملايين فدان للرقعة الزراعية.
بالنسبة لمشروع المليون ونصف المليون فدان هو المشروع المعروف إعلامياً بالريف المصرى، وهو يتبع شركة تنمية الريف المصرى التى تقوم باستصلاح، واستزراع ما يقرب من المليون ونصف المليون فدان فى مناطق غرب المنيا، وشرق العوينات، والفرافرة، وسيوه، والوادى الجديد، وغيرها من المناطق التى تدخل ضمن مشروع الريف المصرى.
إلى جوار مشروع الريف المصرى هناك مشروع قومى آخر هو مشروع تنمية شمال ووسط سيناء ويضم حوالى 500 ألف فدان، وبالتحديد 465 ألف فدان تقع فى شمال ووسط سيناء.
أما مشروع الدلتا الجديدة فهو مشروع مختلف تماماً عن المشروعين السابقين ويضم حوالى المليون ونصف المليون فدان، ويقع بالقرب من محور الضبعة بهدف تحقيق الأمن الغذائي للمواطنين وللتصدير، ويستهدف التركيز على زراعة القمح والبقوليات والخضراوات والفاكهة لمواجهة متطلبات واحتياجات المواطنين من السلع الغذائية، خاصة بعد أن أظهرت جائحة كورونا ضرورة الاعتماد على الذات فى توفير احتياجات، ومتطلبات المواطنين الغذائية دون الحاجة إلى الاستيراد.
ويكشف السيد القصير وزير الزراعة الستار عن بداية فكرة مشروع الدلتا الجديدة قائلاً: الرئيس عبدالفتاح السيسى صاحب فكرة إنشاء الدلتا الجديدة حيث كان يتم التحضير لزيارة مشروع مستقبل مصر الزراعى الذى قام بتفقده فى الشهر الماضى، وتم عرض تفاصيل المشروع على سيادته، وسأل الرئيس عن المناطق الملاصقة للمشروع، ومدى صلاحيتها للاستصلاح والاستزراع.
بعدها قامت فرق بحثية شارك فيها عشرات من الأساتذة المتخصصين من كليات الزراعة، وأعضاء مركزى البحوث الزراعية، وبحوث الصحراء بإجراء الدراسات البحثية المطلوبة، وسحب عينات من التربة، والمياه الجوفية، بالإضافة إلى تحليل نسب الأملاح، والحموضة، والجير، والقلوية، وجاءت النتائج مبشرة، بإمكان استصلاح، واستزراع ما يقرب من المليون ونصف المليون فدان فى تلك المنطقة موزعة كالتالى:
أولاً: 500 ألف فدان ضمن مشروع مستقبل مصر والذى بدأ يدخل حيز الإنتاج الفعلى بحوالى 200 ألف فدان، وقد تفقدها الرئيس خلال جولته الأخيرة فى الشهر الماضى هناك، أما باقى المساحة، والمقدرة بحوالى 300 ألف فدان فسوف يتم استصلاحها، واستزراعها خلال المرحلة المقبلة.
ثانياً: 700 ألف فدان قابل للزراعة منها حوالى 600 ألف فدان بعد إجراء الأبحاث والتحاليل، واتضح أنها صالحة للاستصلاح والاستزراع.
ثالثا: 300 ألف فدان يتم استصلاحها، واستزراعها الآن بمعرفة جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، وقد بدأ العمل فى تلك المساحة فعلياً.
هذه المشروعات الثلاثة مجتمعة سوف تكون هى المشروع القومى العملاق للدلتا الجديدة. والتى تبلغ مساحتها نحو 35% من مساحة الدلتا القديمة، وبالتالى يمكن أن تستوعب الدلتا الجديدة نفس النسبة من السكان، بالإضافة إلى قدرتها على استيعاب مشروعات الإنتاج الصناعى المرتبط بالإنتاج الزراعى، ومشروعات الإنتاج الحيوانى والداجني والألبان.
قلت: هل هناك علاقة بين شبكة الطرق الجديدة ومحور الضبعة وروض الفرج من ناحية، وإنشاء الدلتا الجديدة؟
أجاب وزير الزراعة: علاقة أكيدة ومتشابكة، ولولا شبكة الطرق لكان من المستحيل ولادة فكرة الدلتا الجديدة.
هذه المشروعات هى التى جعلت من الدلتا الجديدة فكرة واقعية قابلة للتنفيذ بسهولة، وتجد إقبالًا كبيرًا من المواطنين والمستثمرين.
وأضاف: مشروع الدلتا الجديدة يشارك فيه العديد من جهات الدولة، ويقوم بتنفيذه 3 جهات هى: وزارة الزراعة، وجهاز الخدمة الوطنية، والهيئة الهندسية بالقوات المسلحة، وبدأت تلك الجهات فى التنفيذ الفعلى للمشروع مثل إعداد خرائط المشروع، ورفع الإحداثيات، وإنشاء شبكات الطرق، والمصارف المائية، ووضع تصورات لمحطات الرفع والمعالجة لتوفير مياه الرى.
وأشار إلي أن الدلتا الجديدة سوف تكون معنية بالأساس بتوفير القمح والبقوليات والخضروات والفاكهة الطازجة اللازمة لسد العجز فى السلع الغذائية اليومية للمواطنين وتصدير الفائض عبر الموانى والمطارات القريبة.
سألت عن مصادر الرى فى الدلتا الجديدة فى ظل ما نعانيه من ندرة فى مياه الرى فى الوقت الحالى؟!
أجاب وزير الزراعة: مصادر الرى غير تقليدية فى كل مشروعات استصلاح الأراضي الجديدة، بدءا من مشروع المليون ونصف المليون فدان الذى يعتمد على المياه الجوفية، ومرورًا بمشروع تنمية شمال ووسط سيناء الذى يقوم على أضخم محطتين لمعالجة مياه الصرف هما محطة المحسمة والتى تبلغ طاقتها نحو مليونى متر مكعب، بالإضافة إلى محطة مياه بحر البقر، وهى أضخم محطة مياه معالجة على مستوى العالم بطاقة 5.6 مليون متر مكعب مياه يوميا.
أما مشروع الدلتا الجديدة فهو يقوم أيضًا على الاعتماد علي المياه الجوفية فى تلك المساحات التى ثبت علميا وجود مياه جوفية تصلح للزراعة بها، بالإضافة إلى إنشاء محطة معالجة للصرف الزراعى بالقرب من منطقة الحمام بتكلفة 60 مليار جنيه لاستخدامها فى رى باقى المساحات.
وأضاف: ميزة مشروع الدلتا الجديدة أنه يتميز بالمناخ الملائم حيث تكون فيه درجة الحرارة معتدلة طوال العام، وبالتالى تقل نسبة "البخر" من المصارف المائية، وهو ما يسهم فى تقليل الاحتياجات من مياه الرى.
سألته عن التكاليف المتوقعة لمشروع الدلتا الجديدة؛ ومدة التنفيذ؟
أجاب السيد القصير: أكثر من 300 مليار جنيه تقريبًا، حيث تبلغ تكلفة إنشاء محطة المعالجة والتحلية نحو 60 مليار جنيه بالإضافة إلى نحو 250 مليار جنيه تكلفة استصلاح أراضي المشروع واستزراعها بما فيها شبكات الطرق الداخلية، وإنشاء المصارف والترع ومحطات الرفع.
أما فيما يخص مدة التنفيذ فإن توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى أن يتم التنفيذ خلال عامين فقط، مما يستوجب ضغط البرنامج الزمنى، ومضاعفة الجهود لإنجاز هذا المشروع العملاق في تلك المدة القصيرة المقررة لتنفيذه.
انتهى حديث وزير الزراعة، السيد القصير، لكن المشروع القومى العملاق "الدلتا الجديدة" بدأت بشائره تظهر إلى الوجود ويجرى العمل فيه على مدى الساعة، ويسابق العاملون فيه الزمن لتحقيق الحلم إيذانا بظهور الدلتا الجديدة موازية للدلتا القديمة استعدادًا لاستقبال ملايين المواطنين ليبدأوا حياتهم الجديدة هناك، بعيدًا عن مشكلات التكدس والازدحام وكل أمراض الدلتا القديمة.