سباق الزمن لمضاعفة طاقة نقل الركاب والبضائع

 

لا يكاد يمر أسبوع إلا ونرى الرئيس عبدالفتاح السيسى يتفقد مشروعات الطرق هنا وهناك ويطمئن على سير العمل ومعدلات التنفيذ فى إطار سباق الزمن لإصلاح ما أفسدته تراكمات الإهمال على مدى عقود طويلة.

ما يحدث فى قطاع النقل بما يشمله من طرق وكبارى وأنفاق وسكك حديدية وموانى يكاد يقترب من المعجزة الحقيقية، وبلغة الأرقام التى لا تكذب فإن مصر لديها ثانى أقدم سكك حديدية فى العالم بعد إنجلترا حيث تم إنشاء أول خط سكك حديدية فى مصر عام 1851، وبدأ التشغيل فى عام 1854، وطوال تلك الفترة الماضية الممتدة عبر 170 عاماًَ تم مد شبكة لخطوط السكك الحديدية تصل أطوالها إلى 10000 (عشرة آلاف كيلو متر) تقوم حالياً بنقل حوالى مليون راكب يوميا، و5 ملايين طن بضاعة سنويا.

الآن يجرى العمل على مد 2500 كيلو متر سكك حديدية بأنواعها المختلفة (القطار السريع ــ القطار الكهربائى ــ المونوريل) أى 25% من إجمالى الخطوط التى تم مدها فى 170 عاماً، ورغم أنها تبلغ 25% من طاقة الخطوط القديمة إلا أن طاقة الشبكة الجديدة تستوعب نقل مليون راكب يوميا و5 ملايين طن بضاعة سنوياً، أى ما يعادل إجمالى الشبكة القديمة.

معنى ذلك ببساطة أن الشبكة الجديدة التى سيتم إنجازها فى أقل من خمس سنوات فقط سوف تضاهى فى طاقتها الاستيعابية الشبكة القديمة التى تم إنجازها عبر 170 عاما، وبالتحديد منذ أن قامت بريطانيا بإنشاء ثانى شبكة للسكك الحديدية فى مصر بعد الشبكة الإنجليزية، وقام بالإشراف على إنشاء السكك الحديدية المصرية آنذاك المهندس الإنجليزى روبرت ستيفنسون ابن مخترع القاطرة الشهيرة جورج ستيفنسون.

سألت وزير النقل الفريق كامل الوزير عما يحدث فى قطاع النقل وقلت: إلى أين وصلنا فى مشروعات النقل، وهل تسير الخطة وفق معدلاتها الموضوعة؟!

أجاب الفريق كامل الوزير: تقريبا نحن نعمل على مدار الـ 24 ساعة يومياًً، والرئيس عبدالفتاح السيسى يتابع كل كبيرة وصغيرة، وقد وصل أول القطارات التى ستعمل بمشروع مونوريل العاصمة الإدارية الجديدة فى نهاية الأسبوع الماضى من أجل اختبارها أولاً استعدادا للتشغيل ضمن المرحلة الأولى من هذا المشروع التى تمتد من العاصمة الإدارية حتى مسجد المشير طنطاوى بطول 45 كيلو مترا.

وأضاف: نعمل بأقصى طاقة ممكنة من أجل إضافة 2500 كيلو متر جديدة تتضمن 3 مشروعات رئيسية، هى شبكة القطار السريع، والقطار الكهربائى، والمونوريل، مشيرا إلى أن القطار السريع يمتد لنحو 1825 كيلو مترات على 3 خطوط رئيسية هى:

الخط الأول: خط السخنة العلمين مطروح مروراً بالعاصمة الإدارية الجديدة.

الخط الثانى: الغردقة سفاجا قنا.

الخط الثالث: من 6 أكتوبر ثم الأقصر حتى أسوان.

قلت له: ماذا يعنى القطار السريع وهل هناك قطار سريع وآخر بطىء؟

أجاب: طبعاً هناك قطارات سريعة، وأخرى بطيئة حيث تختلف «السرعات» حسب نوعية القطارات وقدرة وكفاءة الخطوط.

فى الشبكة القديمة كانت أقصى سرعة للقطارات عليها 120 كيلو مترا/ ساعة فى حين تبلغ أقصى سرعة فى الشبكة الجديدة، التى يتم إنشاؤها وتجهيزها الآن، 250 كيلو مترا،/ ساعة، أى أكثر من ضعف أقصى سرعة فى الشبكة القديمة، وهو ما يتيح للشبكة الجديدة القدرة على مضاعفة أعداد الرحلات، والقدرة على نقل أضعاف الركاب فى الشبكة القديمة.

سألت: هل يختلف القطار السريع عن القطار الكهربائى الخفيف؟!

أجاب الفريق كامل الوزير: القطار السريع شبكة، والقطار الكهربائى الخفيف شبكة أخرى تماما، فالأخير يمتد من مدينة السلام، مرورا بالعاشر من رمضان، وانتهاء بالعاصمة الإدارية بطول 103 كيلو مترات وبعدد 19 محطة وبطاقة استيعابية 850 ألف راكب/ يوم، ويهدف القطار الكهربائى إلى ربط مدينة القاهرة بالمدن الجديدة (العبور ــ المستقبل ــ الشروق ــ هليوبوليس الجديدة ــ بدر)، مرورا بالعاشر من رمضان والمنطقة الصناعية، وانتهاء بالعاصمة الإدارية الجديدة.

وماذا عن «المونوريل»، ووصول أول قطاراته؟

أجاب وزير النقل: بحمد الله وصل أول قطارات «المونوريل» فى نهاية الأسبوع الماضى، وسوف تصل باقى القطارات تباعا، ليبدأ تشغيلها تجريبيا وافتتاحها فور انتهاء الأعمال الخاصة بها طبقا للتوقيتات الزمنية المحددة لها، مشيرا إلى أن المونوريل عبارة عن خطين:

الأول: خط العاصمة الإدارية الجديدة، بطول 56٫5 كيلو متر، وبعدد محطات 22 محطة، وطاقة استيعابية 600 ألف راكب/ يوم.

الثانى: خط السادس من أكتوبر، بطول 42 كيلو مترا، وبعدد محطات 12 محطة، وطاقة استيعابية 600 ألف راكب/ يوم.

هذه الشبكات الثلاث السابقة (قطار سريع ــ قطار كهربائى خفيف ــ مونوريل) سوف تؤدى إلى مضاعفة أعداد نقل الركاب فى شبكة السكك الحديدية، حيث تنقل الشبكة القديمة مليون راكب يوميا، فى حين ستنقل الشبكة الجديدة مليون راكب يوميا أيضا مثلها.

فى الوقت نفسه كانت الشبكة القديمة تنقل 5 ملايين طن بضاعة سنويا، فى حين أن الشبكة الجديدة سوف تنقل 5 ملايين طن بضاعة سنويا كذلك، وهو ما يعنى فى النهاية أنه تمت مضاعفة قدرات نقل الركاب والبضائع فى فترة لا تتعدى نحو 5 سنوات مقارنة بـ 170 عاما، وهذا هو الفارق الذى يصنعه الرئيس عبدالفتاح السيسى فى هذا المجال وغيره من المجالات.

قلت: فى أزمة السفينة «إيفر جيفن» الأخيرة، وقبل حل الأزمة، ترددت أفكار حول تفريغ السفينة حمولتها ونقلها برا فهل راعت المخططات الجديدة التى يجرى تنفيذها مواجهة مثل تلك الاحتمالات؟

أجاب الفريق كامل الوزير: الرئيس عبدالفتاح السيسى حريص منذ بداية تطوير شبكات النقل والمواصلات، وقبل وقوع أزمة «إيفر جيفن» ومن هنا كان ضمن مخطط التطوير ربط ميناء السخنة على البحر الأحمر بميناء الإسكندرية على البحر المتوسط، بما يعنى توفير بديل برى لقناة السويس فى وقت الأزمات لا قدر الله، وبما يرفع كفاءة القناة فى كل الأوقات.

هذا البديل يتم العمل فيه الآن من خلال الشبكة الجديدة الخاصة بشبكة القطار السريع.

القطار السريع يبدأ من ميناء السخنة، مرورا بالعاصمة الإدارية الجديدة، ثم السادس من أكتوبر وصولا إلى ميناء الإسكندرية ثم العلمين وانتهاء بمرسى مطروح.

معنى ذلك أنه سوف يتم ربط ميناء السخنة وهو أكبر ميناء على البحر الأحمر بميناء الإسكندرية وهو أكبر ميناء على البحر المتوسط، ليتحقق بذلك الحلم الذى كان يتم التفكير به من فترات طويلة وهو ربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط بخط سريع للسكك الحديدية يسهم فى رفع كفاءة قناة السويس، وتوفير بديل برى لها بما يعزز من مكانة مصر كمركز للتجارة العالمية و«اللوجستيات».

هذا المخطط يتضمن كذلك رفع كفاءة ميناءى السخنة والإسكندرية، حيث تمت مضاعفة أطوال الأرصفة فى ميناء السخنة 4 مرات، وبعد أن كان طول رصيف ميناء السخنة 5 كيلو مترات، يجرى الآن مضاعفة أطوال الأرصفة هناك ليصبح 17 كيلو مترا. أما ميناء الإسكندرية فإنه جار تطويره الآن وإقامة محطات متعددة الأغراض به، بالإضافة لتعميق الغاطس ليصل إلى 17 مترا لكى يكون مؤهلا لاستقبال السفن ذات الغاطس الذى يبلغ 17 مترا، ومنها السفن المحملة بالقمح أو سفن الأخشاب والحاويات وغيرها من نوعية السفن الضخمة، ومن المتوقع الانتهاء من تلك الأعمال فى مطلع الشهر المقبل إن شاء الله.

إلى جوار ذلك يجرى العمل فى إقامة محطة متعددة الأغراض بميناء الإسكندرية بطول 2٫5 كيلو متر وعمق 17 مترا لاستقبال سفن الحاويات العملاقة.

وأوضح وزير النقل: أن ميناء الإسكندرية يشهد حاليا توسعته وربطه بميناء الدخيلة الذى يقع شمال ميناء الإسكندرية من خلال إنشاء ميناء «أوسطى» جديد بينهما هو ميناء «المكس» تمهيدا لضم الثلاث موانى (الإسكندرية ــ الدخيلة ــ المكس) فى ميناء واحد هو ميناء الإسكندرية الكبير، والذى من المقرر افتتاحه عام 2024 إن شاء الله بعد استكمال الأعمال الجارى تنفيذها حاليا ليكون هو الميناء الأكبر على شاطئ البحر المتوسط على الإطلاق، ليتناسب مع مخطط تحويل مصر إلى أكبر مركز للتجارة العالمية فى منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا.

وأضاف: سوف يتم ربط ميناء الإسكندرية بالموانى الجافة فى مدينة السادس من أكتوبر لتخزين البضائع فيها، تمهيدا لدخول تلك البضائع مصانع المناطق الصناعية أو إعادة تصديرها من جديد أو دخولها إلى الأسواق الداخلية بحسب كل حالة على حدة وظروفها.

أخيرا سألت وزير النقل عن معديات الموت للمواطنين الغلابة ومتى تنتهى تلك الظاهرة، وهل هناك خطة «للتسريع» بإنشاء الكبارى البديلة فوق النيل؟

أجاب الفريق كامل الوزير: بلغة الأرقام التى لا تكذب فإن كوبرى قصر النيل هو أول كوبرى تم إنشاؤه على النيل تم افتتاحه عام 1871 ومنذ ذلك العام وحتى عام 2014 تم إنشاء 38 كوبرى على النيل أى أنه خلال 143 عاما تم إنشاء 38 كوبرى بمعدل كوبرى كل ما يقرب من 4 سنوات فى حين أنه خلال الفترة من 2014 حتى 2024 أى خلال 10 سنوات تم إنشاء وجار العمل فى 22 محورا متكاملا على النيل بما يعنى إنشاء 2٫2 كوبرى كل عام أى أكثر من 4 أضعاف ما تم إنشاؤه طوال 143 عاما، وهو ما يوضح حجم الإنجاز الضخم الذى تم، ويجرى استكماله خلال الفترة القليلة المقبلة، ليتم الانتهاء تماما من تلك المشكلات التى كانت تقع بين آونة وأخرى ولتسهيل حركة تنقل المواطنين وكذلك نقل البضائع بما يسهم فى دفع عجلة النمو الاقتصادى وتعزيز حركة التجارة الداخلية وتوفير حياة كريمة للمواطنين على كل الأصعدة وفى مختلف المجالات.

Back to Top