الوزير الدليفرى
نشر بالأهرام الخميس 16-9
فى الوقت الذى تعيش فيه أفغانستان وسط حالة من الترقب والحذر بعد انسحاب القوات الأمريكية، وانهيار الحكومة الأفغانية، وعودة طالبان إلى صدارة المشهد- فر سيد أحمد سعدات، وزير الاتصالات الأفغانى، إلى ألمانيا، مكتفيا بالعمل كموزع «بيتزا» فى مدينة «لايبزج» الألمانية.
تلك هى حال الدول البائسة، والمنكوبة بالكوارث، والإرهاب، الوزير فيها يساوى موزعا «دليفرى» بدولة أخرى مستقرة، وهادئة.
الموزع «الدليفرى» ليس عيبا، بل إنه عمل «شريف»، مثل بقية الأعمال الأخرى «الشريفة»، حتى لو كانت متواضعة, والقصة هنا لا تتعلق بنوعية العمل، لكنها تتعلق بحال أفغانستان البائسة، التى وقعت ضحية للخراب، والإرهاب، والاحتلال الأجنبى.
أفغانستان مأزومة، منذ عقود، ما بين احتلال أجنبى, وتطرف، وإرهاب، وهو ما جعل العيش فيها ضربا من ضروب الجحيم، وجعل المواطنين «يتشبثون» بعجلات الطائرات، فى محاولة تفتقد كل صنوف الحكمة، والعقل، من أجل الفرار من هذا الجحيم.
المؤكد أن هؤلاء كانوا يعلمون أن فرصة «إنقاذهم» ضئيلة للغاية, لكنهم فضلوا ذلك على البقاء فى جحيم الفوضى، والخراب، والإرهاب، والتطرف.
الوزير الأفغانى كان أكثر حكمة، لأنه ترك منصبه الوزارى خلف «ظهره»، وفر إلى ألمانيا، ليعيش هناك فى شقة متواضعة، لا تزيد مساحتها على 70 مترا، ويعمل موزع «بيتزا» مقابل 15 يورو فى الساعة, ويتنقل فى الشوارع على دراجة هوائية، مرتديا سترة عامل التوصيل «الدليفرى».
هو يعيش سعيدا هناك، وينوى بدء حياته من جديد، وإعادة ترتيب أوراقه من نقطة الصفر، بعيدا عن أعمدة الدخان المتصاعدة فى شوارع المدن الأفغانية، ورائحة البارود، والخراب.