«أوميكرون» بين «الهلع» و «القدرة على المواجهة»

«أوميكرون» بين «الهلع» و «القدرة على المواجهة»

بقلم ــ ‬عبدالمحسن‭ ‬سلامة

لم يكد العالم يلتقط أنفاسه بعد نجاح معركة إنتاج «اللقاحات» حتى ظهرت سلسلة من المفاجآت «غير السارة» فى المعركة ضد «كورونا» بدأت بظهور المتحور «دلتا» ثم جاء «أوميكرون» ليزيد من حالة الهلع التى سادت العالم مؤخراً، خشية العودة إلى المربع «صفر» فى المعركة ضد هذا الوباء اللعين.

ظهر المتحور الجديد «أوميكرون» فى جنوب إفريقيا، وانتشر فى ليسوتو، وبوتسوانا، وزيمبابوى، وموزمبيق، وناميبيا، وإسواتينى، وهى الدول التى تم منع السفر منها وإليها من معظم دول العالم حتى الآن خشية انتشار السلالة الجديدة عالمياً قبل التعرف على خصائصها، ومشاكلها، ومدى خضوعها للقاحات أم لا.

الدول الموبوءة بالمتحور الجديد من الدول المنخفضة فى تلقى اللقاحات بسبب ظروفها الاقتصادية واحتكار الدول الغنية للقاحات، والتعامل مع ملف اللقاحات من جانب الدول المنتجة لها بمنطق يفتقد إلى العدالة والشفافية.

احتكرت الدول المنتجة للقاحات الإنتاج لنفسها أولاً، ثم لمن «يدفع» ثانيا، وفى «الذيل» تأتى حظوظ الدول النامية والفقيرة مع اللقاحات.

هذه السياسات غير العادلة أسفرت عن تسجيل الدول الغنية أعلى المعدلات فى تلقى اللقاحات بل إنهم ذهبوا إلى فكرة الجرعة الثالثة «المعززة» لتأكيد حصانة مواطنيهم ضد فيروس «كورونا» فى حين أن الأغلبية الساحقة من مواطنى الدول الفقيرة والنامية لم يتلقوا أى جرعات على الإطلاق ضد الفيروس القاتل.

اهتمت الشركات بجنى الأرباح و«مراكمة» الفوائض المالية مثلما أعلنت شركة «فايزر» وشريكتها شركة «بيونتك» أنهما يتوقعان أن تصل قيمة مبيعاتهما من اللقاح فى العام الحالى إلى أكثر من 15 مليار دولار، فى حين توقعت مؤسسة «مورجان ستانلى» المتخصصة فى الخدمات المالية والاستثمارية أن تصل عائدات شركة فايزر من اللقاح إلى 19 مليار دولار، تصل فيها نسبة الأرباح إلى أرقام خيالية، وتوقع خبراء المؤسسة المالية أن تحصد شركة فايزر حوالى 9٫3 مليار دولار كأرباح مجمعة خلال العامين المقبلين.

انعكس ذلك على أسهم الشركة حيث قفز سعر السهم بنسبة 12%، فى حين قفز سعر سهم شركة «بيونتك» بنسبة 300%، وأسهم شركة مودرنا بنسبة 700%.

 

كل هذه الأرقام والمؤشرات تؤكد مدى «انتهازية» شركات الدواء العالمية المتعددة الجنسيات، وحرصها على جنى أكبر قدر من المكاسب أولًا، وقبل كل شىء، وهو ما جعل الرئيس الأمريكى جو بايدن يطالب تلك الشركات بضرورة التنازل عن حق الملكية الفكرية لتصنيع اللقاحات لسرعة «إتاحتها» لأكبر قدر ممكن من شعوب دول العالم، خاصة الدول النامية والفقيرة، لكن حتى الآن لاتزال مثل هذه الدعوات مجرد أمنيات تفتقر إلى الإرادة السياسية، والحلول الاقتصادية كى تتحول إلى واقع عملى، وتصل اللقاحات بسهولة و«سلاسة» إلى كل من يحتاجها من دول العالم.

ربما تكون إحدى حسنات المتحور الجديد «أوميكرون» تأكيده أنه لا يمكن لدولة واحدة أو مجموعة من الدول أن تكون فى «مأمن» مهما كانت قدرات تلك الدول فى «العزل»، و«المنع»، و«التحصين».

أكبر دليل على ذلك، ما أعلنته منظمة الصحة العالمية أمس الأول «الجمعة»، أنه تم العثور على متحور «أوميكرون» فى 38 دولة برغم كل الإجراءات التى اتخذتها العديد من دول العالم فى محاصرة الدول «الموبوءة» ومنع السفر منها وإليها خشية سرعة انتشار المتحور الجديد.

منظمة الصحة العالمية قالت «لقد تلقينا تقارير عن متحور ـ أوميكرون ـ تشير إلى أنه ظهر فى 38 دولة، وأن هذه الدول تقع فى جميع الأقاليم الستة لمنظمة الصحة العالمية».

معنى ذلك، أن المتحور الجديد ظهر فى العديد من الدول الغنية والفقيرة على حد سواء، وأنه لا يمكن لأى دولة من دول العالم أن تكون وحدها بمنأى عن التطورات الصحية التى تحدث فى باقى دول العالم.

فى محاولة للاطمئنان على «الموقف الوبائى» فى مصر، وهل ظهر «أوميكرون» أم (لا)، والاستعدادات الخاصة بذلك، وإلى أين وصلت قوافل التطعيم؟ وغيرها من التساؤلات تحدثت إلى د. خالد عبدالغفار، وزير التعليم العالى، والقائم بعمل وزير الصحة لوضع النقاط على الحروف بشأن تلك التساؤلات.. وغيرها.

سألته فى البداية: هل ظهر «أوميكرون» فى مصر؟!

أجاب : قولًا واحدا.. لم يظهر حتى الآن، ولم يتم الإبلاغ عن أى حالة بهذا الخصوص، مضيفًا أنه ليس هناك ما نخفيه، وفى حالة ظهور أى حالة سوف يتم الإعلان عنها فورا، مشيرا إلى أن 90% من الحالات التى تظهر حاليا فى مصر هى من المتحور «دلتا» وقد اتضح أن «دلتا» ليس أكثر شراسة، ونسب الشفاء فيه طبيعية تماما، ويستجيب «للقاحات» مثله فى ذلك مثل غيره.

وماذا عن استجابة «أوميكرون» للقاحات؟!

أجاب د. خالد عبدالغفار: هذا الكلام سابق لأوانه، لكنه وبحكم خبرات البحث العلمى واللقاحات، فإن هناك فرقا بين فعالية اللقاح، وبين عدم تأثير اللقاح.

وأضاف: الأمر المؤكد أن اللقاحات مهمة وضرورية حتى لو اختلفت نسب التأثير، ومن هنا تأتى ضرورة الإقبال على تناول اللقاحات لكل المواطنين، لأنه لا بديل عن ذلك فى كل الأحوال، وهذا هو السبيل الوحيد لمواجهة هذا الوباء فى مصر والعالم بكل متحوراته وأشكاله.

قلت: إلى أين وصلنا فى التطعيمات، وهل هناك لقاحات كافية متوافرة لتلبية احتياجات المواطنين الراغبين فى تلقى اللقاحات؟

أجاب وزير التعليم العالى والقائم بعمل وزير الصحة: وصلنا حاليا إلى أكثر من 30 مليون مواطن تلقوا الجرعة الأولى، و16 مليون مواطن تلقوا الجرعة الثانية، فى حين كان لدينا مخزون يصل إلى 88 مليون جرعة، وما تم استخدامه حتى الآن 46 مليونا، فى حين يوجد 42 مليون جرعة جاهزة للاستخدام فورا. وأضاف: انتهينا من التعاقدات على كميات جديدة حتى منتصف العام المقبل بعدد جرعات تصل إلى 100 مليون جرعة من اللقاح.

وماذا عن لقاح «سينوفاك» الذى يتم تصنيعه محليا؟!

أجاب د. خالد عبدالغفار: تم تصنيع 23 مليون جرعة حتى الآن من اللقاح الصينى «سينوفاك»، وسوف يتم إنتاج 5 ملايين جرعة أخرى خلال الشهر المقبل.

سألت: إلى أين وصل اللقاح المصرى «كوفاكس»؟

أجاب وزير التعليم العالى والصحة: تسير خطوات إنتاج اللقاح المصرى «كوفاكس» فى مسارها الطبيعى، وقد أثبت اللقاح المصرى «مأمونيته» و«فعاليته» بدرجة رائعة، فقط أتمنى مزيدا من المتطوعين للتوجه إلى المركز القومى للبحوث لإجراء المزيد من التجارب وهناك سوف يجد المتطوعون كل الاهتمام بداية من إجراء الفحوص الشاملة، وتلقى اللقاح، والعلاج الطبى على أعلى مستوى.

قلت: الحديث يجرى الآن فى الدول المتقدمة عن الجرعة الثالثة «المعززة»، فماذا عن هذه الجرعة، فى مصر وماذا عن تطعيم الفئات الأقل من 18 عاماً؟

أجاب د. خالد عبدالغفار: فى الأسبوع المقبل سوف يتم فتح الموقع الخاص بالجرعة المعززة للفئات المستهدفة وهم «العاملون فى المنظومة الصحية/ كبار السن/ أصحاب الأمراض المزمنة» وذلك بشرط مرور 6 أشهر على الجرعتين الأولى والثانية.

وبالنسبة للفئات الأقل من 18 عاماً فقد تم فتح باب التسجيل للفئات من 12 إلى 18 سنة، وتم تطعيم 21 ألف طالب كبداية بعد أن تقدموا للتسجيل، وسجلوا موافقة أولياء أمورهم وناشد وزير التعليم العالى أولياء الأمور بدعم التوجه لتطعيم هذه الفئة العمرية، مشيراً إلى استعداد قوافل التطعيم للتوجه إلى المدارس فى حال توافر الأعداد اللازمة للتطعيمات، بعد أن نجحت الدولة فى نشر فرق التطعيم فى محطات القطارات، والمترو، ومراكز الشباب، والأندية، والمولات، والأحزاب، وغيرها من أماكن التجمعات.

انتهى حديث وزير التعليم العالى والقائم بعمل وزير الصحة وتبقى الكرة الآن فى ملعب «المواطن» للتعجيل بتلقى اللقاحات، وعدم التباطؤ فى هذا الأمر خاصة بعد ازدياد وتيرة انتشار الفيروس اللعين ومتحوراته سواء كان ذلك «دلتا» أو «أوميكرون» أو غيرهما بعيدا عن «الهلع» غير المبرر حتى الآن.

Back to Top