بداية الخراب

نشر بالأهرام الثلاثاء 21 مارس
بداية الخراب..!
استكمالا لمقال أمس بمناسبة مرور ٢٠ عاما على الغزو الأمريكى للعراق فى ١٩ مارس ٢٠٠٣؛ فقد حاولت أمريكا قبل، وأثناء الغزو نشر أكاذيبها حول العراق، وأنها تريد تحرير أبنائه من سلطة صدام حسين الدموية ليصبح العراق ألمانيا الجديدة، أو يابان المنطقة.

لم يحدث هذا ولا ذاك!، لأن نية أمريكا لم تكن صادقة، وكان هدفها إسقاط صدام حسين، وتدمير العراق لما يملكه من قدرات بشرية، واقتصادية، وعسكرية.

بالفعل نجحت أمريكا فى سقوط نظام صدام حسين، لكنها لم تبذل أى مجهود لإقامة نظام يتسع لكل العراقيين، ويضمن وحدتهم، ويحافظ على مؤسسات الدولة العراقية.

العكس هو الصحيح تماما، لأن الأمريكان، من خلال حاكمهم «بول بريمر»، ركزوا كل جهودهم على زرع الفتنة بين أبناء الشعب العراقى، وإقامة نظام طائفى كريه قائم على المحاصصة الطائفية، فالرئيس كردى، ورئيس الوزراء شيعى، ورئيس مجلس النواب سنى.. وهكذا خلقوا معادلة شديدة التعقيد يصعب التخلص منها بسهولة.

نظرت أمريكا إلى العراق باعتباره البداية لإشعال المنطقة العربية، وتدميرها، وخرابها واحدة تلو الأخرى.

لم تستمع أمريكا إلى صوت العقلاء من أصدقائها فى المنطقة، أو فى أوروبا، لكنها تمادت فى خطتها، وأصرت عليها، وللأسف نجحت فى تنفيذها، ورغم أنها خرجت من العراق «ذليلة»، و»مهزومة» بعد ذلك، فإنها تركت إرثها العفن فى المحاصصة الطائفية، وتفتيت وحدة الشعب العراقى.

من حسن الطالع أن الشعب العراقى بدأ يستعيد عافيته الآن، ويقاوم بكل قوة لمحو آثار الغزو الأمريكى، سواء من خلال رفض الطائفية، وهو ما نشاهده الآن فى عودة العراق إلى محيطه العربى، والتمسك بوحدته، ورفض انفصال أى مكون من مكوناته تحت أى مسمى، وإعادة بناء الجيش، والشرطة العراقيين، وتوحيد الأجهزة الأمنية تحت سلطة الدولة بعيدا عن الميليشيات، والأحزاب، والطوائف.

يجب ألا يمر درس الغزو الأمريكى للعراق مرور الكرام، وأتمنى لو قامت الجامعة العربية، بالتعاون مع الحكومة العراقية، بإعداد احتفالية ثقافية ضخمة لتوثيق جرائم الغزو، ومساعدة الدولة العراقية على استعادة مكانتها العربية، والإقليمية، والدولية .

Back to Top