عيدان فى دولة واحدة
نشر بالأهرام الثلاثاء 25 أبريل
عيدان فى دولة واحدة..!
قمة المأساة أن تنقسم دولة، وتتفتت، وأن يصل التناحر إلى الاختلاف على موعد العيد، وأن تقيم كل فئة عيدها فى يوم عكس المجموعة الثانية تأكيدا للاختلاف، رغم أنف الشعب المغلوب على أمره.
حدث هذا فى ليبيا فى عيد الفطر المبارك لأول مرة فى تاريخها القديم والحديث، حيث احتفلت مدن المنطقة الشرقية بالعيد يوم الجمعة مثل بقية دول العالم العربى، والإسلامى، إلا أنه تكريسا لحالة الانقسام السياسى الموجودة فى البلاد احتفلت المنطقة الغربية بالعيد يوم السبت، مما أدى إلى حالة من الاحتقان بين صفوف المواطنين.
تحولت صلاة العيد يوم السبت إلى مشادات حامية، وعراك، وفوضى فى العاصمة طرابلس بعد أن نجح الصادق الغريانى، مفتى البلاد المعزول من منصبه، فى إحداث شقاق، وخلاف حول يوم العيد، وإصراره على مخالفة بيان هيئة الإفتاء التابعة للمنطقة الشرقية.
المصلون فى طرابلس قاموا بطرد أحد الوزراء فى حكومة الدبيبة المنتهية ولايتها، وهتفوا ضد فتوى الصادق الغريانى، وقاطعوا صلاة العيد، مما دفع التليفزيون الرسمى إلى قطع بث صلاة العيد، بحسب ما نقلته الصحف، ووكالات الأنباء من العاصمة الليبية طرابلس.
مأساة حقيقية تعيشها ليبيا منذ ١٢ عاما، وبالتحديد منذ الإطاحة بالرئيس الليبى السابق العقيد معمر القذافى.
لاتزال الأزمة الليبية تراوح مكانها منذ ذلك الحين، وتعيش ليبيا حالة من الانقسام، والفوضى غير المسبوقة، لكن لم يكن من المتخيل أبدا أن تصل الأمور إلى الخلاف حول صلاة العيد.
ميزة ليبيا أن شعبها متجانس، ولا يعانى خلافات طائفية، أو مذهبية حادة، لكن الخلافات السياسية أرادت إقحام عيد الفطر فى العراك السياسى، وتكريس تلك الخلافات فى إقامة احتفالات العيد فى يومين مختلفين، وكأن الأزمات الحياتية، والمعيشية، والخدمية اليومية التى يعيشها الشعب الليبى لا تكفى، وأرادوا تعكير صفو الأعياد هى الأخرى.