وسط الحشود الهادرة
نشر بالأهرام الأربعاء ٢٨ يونيو
وسط الحشود الهادرة
« لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. إن الحمد والنعمة.. لك والملك.. لا شريك لك.. لبيك»، هذا هو النداء العظيم الذى كان يشق عنان السماء أمس فى مشهد إنسانى رائع، ومتميز يتكرر كل عام فى عرفات.
رغم زيادة الأعداد، وارتفاعها عن معدلات ما قبل «كورونا»، فإن التنظيم، ودقة الإعداد، والتناغم بين كل الجهات المسئولة فى المملكة العربية السعودية أسهم فى تسيير أمور حجاج بيت الله على أفضل ما يكون.
صلاة الفجر فى مسجد نمرة كانت مزدحمة للغاية، وامتدت حشود المصلين إلى الساحات المجاورة للمسجد، حيث قام بعض الحجاج بحجز أماكنهم منذ ليلة أمس الأول حتى يجدوا مكانا لهم فى المسجد أو خارجه.
رغم حرارة الجو، فإن الحشود الهادرة تناست تلك الحرارة المرتفعة وواصلت رحلتها الإيمانية فى أفواج تذكرنا بأفواج الملائكة، وهم جميعا يرتدون الزى نفسه، ويرددون العبارات ذاتها، وإن اختلفت اللغات والأجناس.
الحج هو أعظم شعيرة إسلامية، وأضخم مؤتمر سنوى على وجه الأرض، وهو رسالة سلام من المسلمين إلى كل دول العالم الذين يحاولون لصق تهم التشدد والإرهاب بالمسلمين.
الإسلام لا يعرف التمييز، والحج نداء سيدنا إبراهيم عليه السلام الذى تحول إلى فريضة إسلامية بعد أن فرضها الله ضمن أركان الإسلام الخمسة.
لا رفث، ولا فسوق، ولا جدال فى الحج، وإنما تضرع وخشية، ودعاء، وخضوع، وإيمان بالله.
خطبة عرفات كانت دستورا للمسلمين حينما أشار الشيخ يوسف بن سعيد، خطيب عرفة، إلى أن اللغات، والألوان، والأعراق ليست مبررا للاختلاف، والنزاع، بل هى آية من آيات الله فى الكون، وأن مما تتابعت النصوص على تأكيده هو الأمر بالاجتماع، والمحبة، والتآلف، والنهى عن التنازع، والتفرق، والاختلاف.
استشهد خطيب عرفات بجزء من خطبة النبى عليه الصلاة والسلام فى الحج حينما قال «إن الله حرم بينكم دماءكم وأموالكم وأعراضكم كحرمة يومكم هذا فى بلدكم هذا فى شهركم هذا».
كل عام والعالم العربى والإسلامى ودول العالم بخير وسلام ليعم السلام والخير أرجاء العالم بعيدا عن الشر والأشرار، وسفك الدماء فى أى مكان.