مدينة الأيام الأربعة
نشر بالأهرام الجمعة ٣٠ يونيو
مدينة الأيام الأربعة
يمكن أن نطلق على مشعر «منى» أنه مدينة الأربعة أيام، حيث يتوافد إليه حجاج بيت الله الحرام عقب المبيت فى المزدلفة وطواف الإفاضة، وهناك يمكثون ثلاثة أيام للمتعجل (يوم العيد) لرمى الجمرة الكبرى، ثم أول وثانى أيام التشريق (لرمى الجمرات الثلاث)، وهناك من يريد استكمال ثالث أيام التشريق فى أعمال الرجم، وتستمر إقامته فى منى ٤ أيام.
فى كل الأحوال بعد مرور هذه الأيام الأربعة تكتمل مغادرة حجاج بيت الله لمشعر منى ويظل خاليا إلا من أعمال الحراسة، والنظافة، والخدمات، طوال أيام العام حتى موسم الحج التالى، لأن مشعر منى لا يدخل فى أعمال شعائر العمرة، حيث تقتصر فقط على المسجد الحرام، والمسجد النبوى بما فى ذلك أعمال الطواف والسعى، وزيارة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم.
مدينة منى فى الحج تبدو على حالة مختلفة تماما من الازدحام والإعمار حيث يجتمع فيها كل الحجاج طوال الأيام الأربعة بشكل أو بآخر، وحتى مع صدور الفتاوى التى تبيح المبيت خارج منى، والقدوم إليها من أجل أعمال «الرجم»، فإن كل الحجاج يشترط قدومهم إلى منى، وقضاء فيها بعض أو كل الوقت المخصص «للرجم» فى يوم العيد، والأيام الثلاثة التالية، مما يجعلها مثل خلية النحل لا تكاد ترى فيها موطئ قدم خاليا.
كل مكان فى «منى» يشع حيوية ونورا، فالطرقات مزدحمة، والمخيمات كلها مكتملة، والخدمات فيها تتطور باستمرار من أجل تقديم أفضل الخدمات لحجاج بيت الله الحرام.
على الجانب الآخر فقد انتقل ولى عهد المملكة العربية السعودية ورئيس مجلس الوزراء، الأمير محمد بن سلمان، للإقامة فى منى، ومعه عدد كبير من الوزراء، لمتابعة كل صغيرة وكبيرة تخص الحجاج، وتيسير سبل أداء مناسك الحج، وهو ما كان له الأثر الكبير فى نجاح موسم الحج هذا العام دون وقوع حوادث أو مشكلات، وفى لقاء بعثات الحج أصر على الوقوف والسلام على أكثر من ٦٠٠ من أعضاء بعثات الحج.
من المشاهد الإنسانية المؤثرة التى شاهدتها بكثرة وتأثرت بها بشدة رؤية الأبناء (ذكورا وإناثا) يدفعون المقاعد المتحركة لذويهم من الآباء والأمهات فى أثناء التنقلات فى المشاعر المقدسة دون تبرم أو غضب، بل على العكس فإن علامات الرضا كانت تملأ وجوههم باستمرار.
أتمنى أن تمتد تلك القيم الإسلامية والإنسانية الرائعة المنتشرة فى موسم الحج طوال أيام العام من أجل نشر تلك المفاهيم الإنسانية النبيلة .