من مكة إلى المدينة
نشر بالأهرام الخميس 20 يوليو
من مكة إلى المدينة
لم تكن هجرة النبى محمد- صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة سهلة أو ميسرة، فالمسافة بينهما نحو ٤٥٠ كيلو مترا، ولم تكن هناك أى وسائل حديثة للمواصلات، أو الاتصالات، كما لم يكن هناك سوى الدواب كوسيلة للسفر والترحال.
كان القرار صعبا وقاسيا على النبى، لأنه يحب مكة، فهى أحب البلاد إليه، لكنه الأمر الإلهى الذى كان البداية لنصرة الإسلام، وإعلان قيام الدولة الإسلامية، وكانت الهجرة هى مفتاح النصر، بعد فترة عصيبة من الأذى والمصاعب.
كنت أعتقد فى البداية أن المسافة بين مكة والمدينة ربما لا تزيد على بضعة كيلومترات، وظل هذا الانطباع موجودا فى داخلى حتى سافرت لأداء مناسك الحج لأول مرة عام ٢٠١١، وحينها سافرت لزيارة المدينة المنورة والسلام على النبى محمد- عليه الصلاة والسلام، واستغرقت الرحلة ما يزيد على 4 ساعات بالسيارات الحديثة المجهزة.
طاف بذاكرتى وقتها كيف كانت رحلة الرسول هو وصاحبه أبوبكر الصديق- رضى الله عنه، على الراحلتين اللتين جهزهما أبوبكر للسفر، ثم اختفيا فى غار ثور ومكثا فيه ثلاث ليالٍ وبعدها خرجا من الغار واتجها إلى المدينة فى رحلة شاقة، وعسيرة.
كانت الرحلة محفوفة بالمخاطر بعد أن أعلنت قريش عن جائزة ١٠٠ ناقة لمن يعثر على النبى.
بعد عناء ٧ أيام وصل الرسول وصاحبه أبوبكر إلى قباء ليكون ذلك بداية النصر المبين للإسلام.
فى رحلتى الأخيرة إلى الأراضى المقدسة استغرقت المسافة من جدة إلى المدينة بالقطار أقل من ساعتين، وهو القطار الذى يربط المشاعر المقدسة، ويعمل على تقليل زمن الرحلة، ويمتاز بالنظافة، والخدمة المميزة، كما أن محطات القطار مجهزة بأعلى التجهيزات، مما يجعلها أقرب إلى المطارات منها إلى محطات القطار.
رحلة النبى منذ خروجه من مكة فى ٢٧ صفر فى العام الأول من الهجرة حتى وصل إلى المدينة استغرقت نحو ١٥ يوما، بما فيها فترة البقاء فى غار ثور ثم الوصول إلى قباء، حتى وصل إلى المدينة المنورة فى ١٢ ربيع الأول من العام ذاته.
الهجرة درس عظيم فى الصبر، والمثابرة، والتخطيط، والإصرار على النجاح