رسائل «الطمأنة» و«المصارحة» من غرب مصر
رسائل «الطمأنة» و«المصارحة» من غرب مصر
بقلم ــ عبدالمحسن سلامة
«الأزمة الاقتصادية سوف تصبح من التاريخ» ... «قادرون على تجاوز التحدى الاقتصادى»... «اطمئنوا بفضل الله والخير قادم للناس والبلد» ... كانت هذه بعض رسائل الطمأنة والثقة التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى هذه المرة من الغرب أثناء زيارته ولقاء أهالى مطروح والسلوم وسيدى برانى فى غرب مصر..
محافظة مرسى مطروح تقع فى أقصى غرب مصر، وتبعد عن محافظة الإسكندرية ما يقرب من 282كم ، وتبلغ مساحتها حوالى 166٫563كم أى حوالى 16٪ من مساحة مصر فى حين يبلغ عدد سكانها وفق بيان جهاز التعبئة العامة والإحصاء العام الماضى حوالى 538564 نسمة، أى ما يزيد قليلا على نصف مليون نسمة، فى حين أن نصيبها العادل لا يقل عن 16 مليون نسمة طبقا للعدد الإجمالى من عدد السكان مقارنة بالمساحة الكلية للدولة المصرية.
هكذا ظلت محافظة مطروح بعيدة عن العين، وبعيدة عن القلب لفترات طويلة من الزمان، باستثناء بعض الأنشطة المصيفية فى مدينة مرسى مطروح.
كان التحدى صعبا ومكلفا لكنه كان ضروريا من أجل إعادة توزيع الخريطة السكانية بشكل عادل ومتوازن على كافة الأراضى المصرية فى إطار رؤية إستراتيجية تشمل مد العمران والتطوير على كافة أرجاء الدولة المصرية من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب حتى لا تظل التنمية حكرا على قطاع بعينه من المناطق المعمورة التى لم تكن تزيد على 6٪ من مساحة مصر كلها.
فى إطار رؤية التنمية العمرانية 2030 استهدفت الدولة مضاعفة النسبة المعمورة من 6٪ إلى 12٪ والتوسع فى إقامة المدن الجديدة المليونية والعملاقة فى طول البلاد وعرضها، وكان من نصيب محافظة مرسى مطروح إقامة مدينة العلمين الجديدة ضمن 15 مدينة منتشرة فى كل محافظات مصر.
ارتبطت العلمين دائما بالحرب العالمية الثانية حينما دارت أشرس المعارك بين قوات الحلفاء بقيادة بريطانيا وفرنسا، وبين قوات المحور بقيادة ألمانيا، وانتهت بهزيمة دول المحور، وانتصار الحلفاء على أرض العلمين.
انتهت الحرب فى 11 نوفمبر 1942.. أى منذ 81 عامًا تقريبا لكنها تركت غابة بشعة من الألغام ومخلفات الحرب ساهمت فى تعطيل حركة الحياة بتلك المنطقة لتظل رمزًا للحرب والخراب والدمار، حتى جاء الرئيس عبدالفتاح السيسى حاملاً رؤية جديدة تستهدف نشر التنمية فى كل ربوع مصر بما فيها العلمين وكل أنحاء محافظة مرسى مطروح.
ربما يكون من حسن حظ محافظة مرسى مطروح أن الرئيس عبدالفتاح السيسى خدم هناك أثناء عمله فى القوات المسلحة المصرية، وعاش هناك ما يقرب من العامين (86، 1987) حينما كان ضابطًا فى مدينة السلوم، وعاش مشاكل تلك المنطقة على الطبيعة من خلال عمله كضابط فى دورية إصلاح.
بعد تولى الرئيس مقاليد الحكم منذ حوالى 8 سنوات تقريبًا بدأت أحلام التنمية فى مطروح تتحول إلى واقع على الأرض بعد أن ظلت مهملة ما يقرب من 8 عقود كاملة منذ انتهاء معركة العلمين فى 11 نوفمبر 1942.
ظهرت مدينة العلمين الجديدة التى تحولت إلى عاصمة صيفية للدولة المصرية وتستهدف استيعاب 3 ملايين مواطن فى مرحلتيها الأولى والثانية وأن تتحول إلى مدينة للإقامة الدائمة على غرار مدينة الإسكندرية، فى إطار تصميم عصرى مبهر يتماشى مع الأفكار الحديثة للمدن الشاطئية، والاستفادة الكاملة من شاطئها الضخم الذى يمتد إلى ما يقرب من 14 كيلومترا على البحر المتوسط، مع تجاوز أخطاء المدن الشاطئية الأخرى، بحيث يكون هناك شاطىء مفتوح وممتد بطول المدينة وحظر إقامة أى مبان تخفى مياه البحر كما حدث للأسف الشديد فى الكثير من القرى السياحية فى الساحل الشمالى أو فى مدن البحر الأحمر.
نجحت الهيئة الهندسية فى تطهير أرض العلمين الجديدة من مخلفات الحرب، لتتحول المنطقة من رمز للحرب والخراب والدمار إلى رمز للحياة والتطور والازدهار، لتظهر مدينة العلمين حية نابضة بالحياة.
إلى جوار مدينة العلمين الجديدة التى ظهرت إلى النور، وتحولت إلى واحدة من أفضل الوجهات السياحية فى منطقة البحر المتوسط، امتدت يد التطوير إلى كل أنحاء محافظة مرسى مطروح ومراكزها المختلفة (الحمام، والضبعة، ومرسى مطروح، والنجيلة، وبرانى، والسلوم، وسيوة، والعلمين).
فى سيوة تلك الواحة الرائعة والجميلة التى تسكن أعماق الصحراء الغربية، وتشتهر ببيئتها البكر وتنتشر فى أرجائها الآبار والعيون التى تستخدم فى أغراض الرى والشرب والاستشفاء، وتضم العديد من الأماكن الأثرية، وكذلك تحتضن واحدة من أكبر المحميات الطبيعية فى مصر والتى تبلغ مساحتها 7800 كم... هناك جرى العمل فى أكبر مشروع للصرف الزراعى لينقذ الواحة من مصير صعب جدا كان يهدد بتدمير الواحة وتشويه معالمها.
لم تقف الدولة صامتة لكنها دخلت بقوتها لتعيد بريق الحياة إلى تلك الواحة المشرقة، وهو الأمر الذى كان محل تقدير وإشادة من أبناء سيوة الذين حضروا لقاء الرئيس فى مطروح وتمنوا الترحيب بالرئيس هناك فى سيوة، وهو ما رحب به الرئيس على الفور ووعد بزيارتهم بعد انتهاء الأعمال التى يتم القيام بها هناك الآن.
أما الضبعة فهى قصة نجاح أخرى حيث تقام فيها الآن أضخم محطة لتوليد الطاقة النووية فى مصر، وتم توقيع عقد الاتفاق المبدئى لإقامة المحطة بين مصر وروسيا عام 2015، أما العقود التنفيذية فقد تم توقيعها فى 2017 بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى والرئيس الروسى فلاديمير بوتين.
بعيدًا عن أهمية المحطة الإستراتيجية فإن إقامة تلك المحطة فى تلك البقعة من أراضى محافظة مطروح اسهم فى حالة رواج ضخمة، كما أوضح أهالى الضبعة خلال لقائهم الرئيس يوم الأربعاء الماضى فى مطروح.
لم يتوقف الأمر عند العلمين أو سيوة والضبعة فقط لكنه امتد إلى ميناء جرجوب الذى يقع فى مركز النجيلة على بعد 70 كيلو مترًا من مدينة مرسى مطروح، ويقام على مساحة 2169 فدانًا، وهو الميناء المصرى الأقرب إلى الموانى الأوروبية وتم افتتاح مرحلته الأولى، ويتم تنفيذه على 3 مراحل وبلغت تكاليف مرحلته الأولى 2 مليار جنيه.
أشار الرئيس إلى هذا الميناء خلال لقاء أبناء مطروح، موضحًا انه سوف تكون له تأثيراته الاقتصادية الكبيرة على الاقتصاد الوطنى بشكل عام، وتأثيراته الإيجابية على أبناء مطروح بشكل خاص من خلال زيادة حركة الرواج التجارى هناك وتوفير فرص العمل لأبناء مطروح.
بنظرة بسيطة على محافظة واحدة من محافظات مصر الـ «27» وهى محافظة مرسى مطروح يمكن رصد حجم التطور الهائل فى تلك المحافظة والذى لم يقتصر على منطقة واحدة أو مدينة بعينها لكنه امتد من سيوة إلى العلمين مرورًا بالضبعة، والنجيلة وجرجوب، وانتهاء بالعاصمة مرسى مطروح، مما يؤكد إستراتيجية الإصرار فى الجمهورية الجديدة على تنمية كل مناطق الدولة المصرية بلا استثناء التى تعرضت لسنوات طويلة من الإهمال، والتهميش، والبعد الزمانى والمكانى، فى إطار رؤية متكاملة للانتقال بالدولة المصرية من حالة «الجمود» إلى حالة «الانطلاق» و«التقدم» فى كل المجالات.
من هنا جاءت رسائل الاطمئنان والثقة التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال لقاء أبناء ومشايخ محافظة مرسى مطروح مستندًا إلى أفعال، وحقائق، وتطورات اقتصادية هائلة، أصبحت شاهد عيان على حجم الإنجاز الذى حدث خلال السنوات الثمانى الماضية.
المؤكد أن الحقائق أقوى من الشائعات، والواقع أقوى من الأكاذيب ولغة الإحباط.
صحيح هناك أزمة لا يمكن إنكارها، لكنها أزمة قابلة للحل، لأنها جاءت عابرة للقارات وللسماوات، منذ هبوط جائحة كورونا، وبعدها اشتعال الحرب الروسية ـ الأوكرانية مما ترك آثارا اقتصادية بالغة التعقيد على الاقتصادات العالمية، وبالطبع تضرر الاقتصاد المصرى بشدة مثل غيره من الاقتصادات، لكن تبقى الإنجازات الضخمة التى تحققت مؤخرًا قادرة على الصمود وعبور الأزمات والخروج منها بكل ثقة واقتدار خلال المرحلة المقبلة إن شاء الله.