الإعلام الهادف والهادم
بقلم : إبراهيم أبو كيلة
تسلم مجلس النواب مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام لمناقشته وإقراره.. بعد أن اطلع عليه المجلس الأعلي للإعلام والهيئتان الوطنيتان للصحافة والإعلام.. وأبدي المجلس والهيئتان ملاحظاتهم عليه.. وأتمني أن يأخذ النواب خلال مناقشتهم لمشروع القانون.. بالملاحظات التي أبدتها الهيئات الإعلامية والصحفية.. وألا يتأخر مشروع القانون في المناقشة والإقرار والإصدار.. حتي نستطيع السيطرة علي الفوضي الإعلامية القائمة.. ومحاسبة المسئولين عنها.. لأن تأخر القانون الذي دخل عامه الرابع.. سيزيد من تلك الفوضي.
لقد تجاوز الإعلام بكل وسائله خاصة المرئي.. كل المبادئ المهنية والأخلاقية.. فبدلاً من أن يكون أداة بناء.. تحول إلي معول هدم.. وبدلاً من أن يبرز الإنجازات والايجابيات.. يركز علي المساوئ والسلبيات.. وبدلاً من أن يساهم في الاستقرار والتوعية الهادفة.. نجده يقدم المواد التافهة وينشر الخرافات والانحرافات ويثير البلبلة والتشكيك والتهييج.. ويوقظ الفتنة.. ويشيع الفوضي.. ويفسد الذوق العام.. ويتجاوز الأعراف والتقاليد.. ويهدم القيم والمبادئ.. ويغيب العقول ويسمم النفوس ويخرب الذمم.
ان حرية الرأي ليست مبرراً لتلك الفوضي.. فحرية الرأي هي حرية مسئولة.. لأن الكلمة أقوي من الرصاص.. تقتل وتجرح وتدمر وتخرب.. وهناك من المتلقين.. من هم ذوو ثقافات ضحلة ووعي محدود.. يثقون في كل ما يتلقونه عبر الشاشات والميكروفات والصحف.. ويأخذونه علي محمل الجد.. ويرسخ في أذهانهم علي أنه الحقيقة والواقع.
الإعلام المصري بجميع وسائله.. العام منها والخاص.. يحتاج إلي مراجعة محتوي وإعادة هيكلة وتنظيم ومحاسبة.. فأنا لا أعرف ما الهدف من نشر وإذاعة الانحرافات الأخلاقية خاصة الشاذ منها كالمخبول الذي اغتصب رضيعة عمرها شهور.. أو أب عاشر ابنته وأنجب منها.. أو أستاذة جامعية رقصت علي سطح منزلها.. وغير ذلك.
والأخطر في كل ما يذاع.. هو فوضي الفتاوي الغريبة والتفاسير العجيبة.. ومحاولة الوقيعة بين فئات وطوائف الوطن.. وإيقاظ الفتنة وزرع الشقاق فيما بينها.. واستضافة كل من هب ودب من غير المتخصصين والمنتحلين لصفة المشايخ والعلماء.. ليفتوا ويدلوا بدلوهم في تلك الفتنة.
إن الإعلام في أكثر دول العالم ديمقراطية.. إعلام مسئول.. لا يعمل ضد بلده.. وحتي لو لم تفرض عليه رقابة أو تطبق عليه محاسبة.. فهو رقيب ومحاسب نفسه.. يقدر ظروف بلده ويراعي شعور مواطنيه.. ويحترم تقاليدهم وقيمهم ومعتقداتهم.
والإعلام من أقوي الأسلحة ان لم يكن أقواها.. فهو الأقوي تأثيراً في الرأي العام وهو سلاح ذو حدين.. قد يكون بناء هادفاً.. وقد يكون معولاً هادماً.. ولابد لنا من تنظيم إعلامنا ومراقبته وضبطه ومحاسبته.. وان لزم الأمر توجيهه.. خاصة في ظل ما يحيط بنا من مؤامرات وإرهاب.. ولابد أن يكون لسان الدولة وشريكاً في البناء والتنمية.