فى حضرة البابا

 

نشر بالأهرام الأثنين 5 فبراير

البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية، وبطريرك الكرازة المرقسية، امتداد لجيل من الآباء العظام للكنيسة المصرية، وهو شخصية مثقفة تجمع بين العلم، والأدب، والدين، فهو خريج كلية الصيدلة- جامعة الإسكندرية عام ١٩٧٥، ثم التحق بالكلية الإكليركية وتخرج فيها عام ١٩٨٣، والتحق بحياة "الرهبنة" بعد ذلك فى دير الأنبا بيشوى بوادى النطرون.

هو قارئ جيد للصحافة، والأدب، والكتب العلمية، والتاريخية، ولمختلف المجالات، ويحرص يوميا على قراءة جريدة "الأهرام" فى الصباح الباكر.

فى عام ٢٠١٨ قام البابا تواضروس بزيارة مؤسسة "الأهرام" والتقى فيها كبار الكتاب، والصحفيين، ودارت معه مناقشات معمقة حول مختلف القضايا الوطنية، والفكرية، وأكدت تلك المناقشات أن البابا تواضروس هو امتداد لجيل من الآباء العظام للكنيسة القبطية الأرثوذكسية.

أمس الأول ذهبت لزيارة البابا بصحبة الزميل الأستاذ علاء ثابت، رئيس التحرير، والزميل أشرف صادق، الصحفى المختص بشئون الكنيسة القبطية.

كان الحوار ثريا، ورائعا، وتطرق الحديث إلى كلمته الرائعة فى احتفالات عيد الميلاد عن "هيرودس" الشرير الذى قتل كل أطفال "بيت لحم" حتى لا يظهر المسيح، ورغم أنفه، وبإرادة الله، نجا المسيح، وهو ما يفعله "هيرودس" الشرير الجديد الآن فى غزة، حينما يقتل الأطفال، والنساء، ويدمر، ويخرب حتى لا يعطى الفلسطينيين حقوقهم.

خرجت كلمات البابا لتمس شغاف قلوب كل ذوى الضمائر، والنفوس الطيبة فى العالم، وتؤكد أن الخير سينتصر مهما تكن المصاعب.

خلال لقائنا أمس الأول أشار البابا إلى أن هناك 4 أنواع من الصيام يصومها المسيحيون كل عام، وكل صيام منها يستهدف تهذيب حاسة إنسانية محددة لتقويم سلوكيات البشر، وضبط تصرفاتهم، ومحاربة كل السلوكيات الشريرة.

كان البابا ذكيا، كعادته، حينما سألته عن رؤيته للصراع العربى- الإسرائيلى، فقال: سوف أعود بكم إلى مقال قرأته فى صحيفة "الأهرام" للمفكر زكى نجيب محمود كان يتحدث فيه عن العصفور وهو يحاول التقاط بعض حبات القمح من أمام صاحبها، فكانت بدايته "حبة" واحدة، ثم تجرأ ووقف فترة أطول لالتقاط المزيد، ثم بعد ذلك عاد ومعه أسراب من الطيور تلتقط ما تبقى من الحبوب.

إجابة ذكية، وعميقة توضح السلوك الإسرائيلى فى الاستيلاء على حقوق الشعب الفلسطينى.

أتصور أن هذه الإجابة الذكية تعكس حال وضع الصراع العربى- الإسرائيلى منذ زرع إسرائيل فى الجسد العربى.

كل الشكر، والتقدير للبابا تواضروس على استضافته، وغزارة معلوماته، ونقاء سريرته بما يعكس الشخصية المصرية الوطنية الأصيلة.

 

Back to Top