من نوبار إلى نيللى..!
لم يكن إطلاق لقب «أم الدنيا» على مصر من فراغ لأنها كانت، وستظل، أم الدنيا قولا وفعلا، فهى الحضن، والسند لكل الضعفاء، والمهمشين، والمظلومين فى العالم... تحتضنهم، وتساندهم، وترفض أى مساومة بحقوقهم.
تفعل هذا مع الفلسطينيين الآن، وتحافظ على عهدها معهم منذ أكثر من ٧٦ عاما؛ منذ أن أرسلت قواتها المسلحة لتحارب إلى جوارهم فى عام ١٩٤٨، ومازالت حتى الآن هى المساند الأكبر للقضية الفلسطينية رغم الضغوط، والإغراءات، لكن مصر لا يمكن أن تبيع أبدًا مبادئها.
ليس مع الفلسطينيين وحدهم، ولكنها تفعل ذلك أيضا مع ٩ ملايين لاجئ (بحجم دولة، وربما أكبر) يعيشون على أرضها، ويرفض الرئيس عبدالفتاح السيسى أن يقوم بتوصيفهم «لاجئين»، ويُصر دائما على استخدام لفظ «ضيوف» معهم، ورغم الظروف الاقتصادية الصعبة التى يعيشها العالم كله الآن، ومن ضمنه مصر، فإنهم يعيشون ضيوفا يقتسمون «لقمة العيش» مع المصريين دون ضجر، أو تململ.
تذكرت كل ذلك فى أثناء حضورى المؤتمر الصحفى للرئيس عبدالفتاح السيسى، وأرمينيا نيكول باشينيان، رئيس الوزراء الأرمينى، فى قصر الاتحادية أمس، فالجالية الأرمينية من أقدم الجاليات الأجنبية فى مصر، وقد بدأ وصولها إلى مصر منذ العصر الفاطمى، ثم العصر المملوكى، وفى عصر محمد على قام بالاستعانة بهم فى وظائف حكومية، وشهد هذا العصر تدفق أعداد كبيرة من الأرمن على مصر، وتم بناء كنيستين، واحدة للأرمن الأرثوذكس، والثانية للأرمن الكاثوليك، ومن أبرز المشاهير الأرمن فى مصر نوبار باشا الذى تولى رئاسة وزراء مصر، والفنانات نيللى، ولبلبة، وأنوشكا.. وغيرهن.
من هنا كانت إشادة الرئيس عبدالفتاح السيسى بالعلاقات التاريخية مع أرمينيا، والتوافق بين الدولتين فى الكثير من القضايا، خاصة ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وضرورة الوقف الفورى للحرب على غزة، والاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية، وكذلك أيضا الرؤية المشتركة لتحقيق الاستقرار فى جنوب القوقاز.
المباحثات شهدت توقيع العديد من الاتفاقيات لتعزيز التعاون بين البلدين فى مجالات الاقتصاد، والبيئة، والاهتمام بتعميق التعاون، ونقل الخبرات فى المجال الزراعى.
رئيس الوزراء الأرمينى أشاد بمصر، ودورها، وقيادتها، مشيرا إلى ما تتمتع به الجالية الأرمينية من رعاية، واهتمام، مما يعزز مكانة مصر لدى الشعب الأرمينى، ويجعلها من أفضل المقاصد السياحية للسائحين الأرمن.