ماذا تعنى الشراكة المصرية - الأوروبية؟
أن تأتى أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، ومعها زعماء، ورؤساء خمس دول فى الاتحاد الأوروبى، هى إيطاليا، واليونان، وبلجيكا، وقبرص، والنمسا- فإن هذا لا يحدث إلا مع دولة كبيرة، ومهمة، وإستراتيجية، ورئيسها، وزعيمها محل احترام، وتقدير من المجتمع الدولى بشكل عام، والاتحاد الأوروبى بشكل خاص.
الاتحاد الأوروبى يضم ٢٨ دولة أوروبية، وهو أكبر سوق موحدة فى العالم، وله عملة موحدة هى اليورو، ويبلغ عدد سكانه أكثر من ٥٠٠ مليون نسمة، واقتصاد الاتحاد الأوروبى ثانى أكبر اقتصاد فى العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية، ويمتلك نحو ٢٢٪ من الناتج المحلى الإجمالى العالمى، والعملة الأوروبية (اليورو) هى ثانى أكبر عملة احتياطية، وثانى أكثر العملات المتداولة فى العالم بعد الدولار الأمريكى.
أمس الأول كان يوما تاريخيا بحق، حيث تم توقيع اتفاقية شراكة إستراتيجية شاملة بين مصر والاتحاد الأوروبى، وتم توقيعها بين الرئيس عبدالفتاح السيسى وأورسولا فون ديرلاين، بحضور رئيس وزراء بلجيكا، الرئيس الحالى للاتحاد الأوروبى، بالإضافة إلى جورجيا ميلونى، رئيسة وزراء إيطاليا، وكيرياكوس ميتسو تاكيس، رئيس وزراء اليونان، والمستشار النمساوى كارل نيهامر، والرئيس القبرصى نيكوس خريستو دوليدس.
شرفت بحضور المؤتمر العلنى الذى ضم الوفود الأوروبية الستة مع الرئيس عبدالفتاح السيسى، ثم تبعه مؤتمر مغلق اقتصر على وفود الدول، وبعدهما تم عقد مؤتمر صحفى بحضور الوفود المشاركة.
توافقت كلمات الوفود الأوروبية على أهمية مصر، ودورها الإستراتيجى، والاحترام الكامل لرئيسها عبد الفتاح السيسى، وما يبذله من جهد فى كل القضايا الإقليمية، خاصة القضية الفلسطينية، والدور المصرى القوى، والواضح فى رفض الحرب على غزة، ودعم الأشقاء الفلسطينيين بأقصى ما يمكن، والتمسك بمبدأ «حل الدولتين»، مؤكدين رؤية الاتحاد الأوروبى أهمية العلاقات الإستراتيجية مع مصر، والتقدير الكامل لمصر، ودورها، ومكانتها.
فور توقيع اتفاقية الشراكة الإستراتيجية أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية تقديم دعم مالى لمصر من خلال حزم مالية، واستثمارية تصل إلى ٧٫٤ مليار يورو، ما يساوى نحو ٨٫٥ مليار دولار، فى إطار دعم الاتحاد الأوروبى لمصر، ومساندتها للخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية، بالإضافة إلى ما يستتبع ذلك من زيادة الاستثمارات الأوروبية فى مصر فى مختلف المجالات، خاصة فى مجالات الطاقة، والرقمنة، والكهرباء، والقطاع الزراعى، والموارد المائية، حيث من المقرر عقد مؤتمر للاستثمار بين مصر والاتحاد الأوروبى خلال هذا العام.
على الجانب الآخر، فقد كان المؤتمر المصرى - الأوروبى فرصة لتأكيد الموقف المصرى الثابت، والواضح فى رفض الحرب على غزة، حيث أكد الرئيس أن مصر لن تسمح بالتهجير القسرى للفلسطينيين، وحذر بشدة من مخاطر اجتياح رفح الفلسطينية، والتمسك بضرورة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهى الأمور التى كانت محل اتفاق من جميع القادة الأوروبيين الذين حضروا هذا المؤتمر التاريخى المهم، مما يؤكد تغييرا جذريا فى الرؤية الأوروبية لمستقبل المنطقة.