جنون الدولار..!
نشر بالأهرام الثلاثاء 26 مارس
واصل الدولار الهبوط على مدى الأيام القليلة الماضية، وتراجع إلى مستوى ٤٦٫٦ جنيه، وفقد أكثر من ٢٢ قرشا، وأعتقد أنه ربما يكسر حاجز الـ ٤٦ جنيها خلال هذه الأيام ليبدأ الحديث عن مستوى الـ ٤٥ جنيها خلال الأيام القليلة المقبلة، وذلك فى إطار زيادة المعروض من الدولار فى البنوك، وشركات الصرافة.
شركات الصرافة التابعة للبنوك جمعت وحدها ما يعادل ٥٫٦ مليار جنيه من العملات الأجنبية حتى أمس الأول أغلبها من الدولار الذى يستحوذ على ما يقرب من ٦٥ ٪ من هذه التحويلات.
ما يحدث من هبوط فى سعر الدولار، والعملات الأجنبية أمر طبيعى بعد عودة الاستقرار إلى الاقتصاد المصرى، والقرار الصائب للبنك المركزى بتحرير سعر الصرف طبقا لآلية العرض والطلب فى الأسواق.
هذا القرار أنهى حالة ما يمكن تسميتها «جنون الدولار»، وهى الحالة التى انتابت الأسواق، وتحول الدولار فيها إلى سلعة، وأداة للمضاربة، والاتجار، ودخل فى هذا المجال العديد من الفئات، بمن فيهم بعض البسطاء الذين كانوا يخشون انهيار قيمة مدخراتهم بسبب الدعايات السوداء، ولجأوا إلى شراء الدولار بأعلى سعر.
للأسف الشديد كان هناك البعض من الإعلاميين والإعلاميات يردد دائما أن الأسوأ قادم، وأن الانهيار مستمر، وهؤلاء تناغموا مع أبواق الشر من الخارج، مما أدى إلى خلق حالة «جنون الدولار»، والرغبة فى امتلاكه بأى سعر.
الآن عاد الهدوء، والاستقرار النفسى إلى المواطنين، وزادت حصيلة المعروض من الدولار، وتمت ترجمة ذلك إلى هبوط دائم، ومستمر فى سعره حتى فقد ما يقرب من ٦ جنيهات منذ بداية تحريره فى ٦ مارس الحالى، أى فى نحو ٢0 يوما فقط.
أعتقد أن السعر العادل للدولار لم يتحقق بعد، وأن سعره العادل أقل من ذلك بكثير، وأن العرض والطلب هو الذى سيحكم الموقف ليعود الدولار إلى مستوياته العادية، والطبيعية.
ما حدث فى الدولار حدث فى السلع، وقد حكى لى أحد التجار أنه فوجئ بنوعيات من المواطنين ليس لهم علاقة بالتجارة يعرضون عليه كميات كبيرة من الزيوت، والأرز، والسكر، وحينما استفسر منهم عن مصدرها أخبروه بأنهم اشتروها وقت الأزمة رغبة منهم فى الاتجار بها، وتحقيق المكاسب بعد ارتفاع الأسعار المتوقع، وأصبحوا الآن يريدون التخلص من هذه السلع قبل انهيار أسعارها.
المهم الآن أن تتحرك الحكومة، وأجهزتها الرقابية، ومن خلال منافذها، بتكثيف المعروض من السلع بأسعارها الطبيعية، كما فعلت فى الدولار، لتعود أسعار السلع إلى «رشدها»، ويشعر المواطن بالتحسن فيها بعد أن انتهت تلك الفترة العصيبة من المضاربات، والاحتكارات، والدعايات المسمومة.