ثقوب سوداء فى ثوب العدالة الدولية
من الواضح عدم قدرة محكمة العدل الدولية على التخلص من الهيمنة الأمريكية والنفوذ الغربى حتى الآن، ففى الوقت الذى تأمر فيه محكمة العدل الدولية بضمان دخول المساعدات فى قرار جديد الأسبوع الماضى - فإن إسرائيل، وحليفتها لاتزالان تتجاهلان هذا العدوان الغاشم.
يوم الخميس الماضى أصدرت محكمة العدل الدولية قرارا جديدًا بناء على طلب دولة جنوب إفريقيا ضرورة أن تلتزم إسرائيل بعدم ارتكاب قواتها أى أعمال تشكل انتهاكا لحقوق الفلسطينيين فى غزة، وضمان دخول إمدادات الغذاء الأساسية لسكان القطاع من دون تأخير.
أكدت المحكمة أنها لاحظت أن الفلسطينيين فى غزة لا يواجهون خطر المجاعة فحسب، بل إن هذه المجاعة قد ظهرت بالفعل.
رغم كل ذلك فلاتزال المحكمة «تمسك العصا من المنتصف»، ولم تصدر قرارات بوقف إطلاق النار بشكل واضح، وصريح، وتحاول الالتفاف يمينا ويسارا هروبا من إصدار ذلك القرار رغم اعترافها بالمجاعة، وبأعمال الإبادة، وذلك سيرا على نهج أمريكا وحلفاء الغرب.
على الجانب الآخر، فقد بدأت إيرلندا اتخاذ الخطوات اللازمة للانضمام إلى قضية الإبادة الجماعية التى تنظرها محكمة العدل الدولية، والتى أكد وزير خارجيتها أنه جارٍ اتخاذ الخطوات القانونية، والسياسية، بالتشاور مع العديد من الشركاء، ومن بينهم دولة جنوب أفريقيا.
رغم كل ذلك لاتزال تمضى حكومة إسرائيل فى مخططها الدموى ضد الشعب الفلسطينى فى غزة، والاستمرار فى وضع الخطوط اللازمة لاجتياح رفح خلال الأيام المقبلة، سواء حدثت هدنة أم لا.
المشكلة الآن فى الإدارة الأمريكية، والرئيس الأمريكى بايدن، الذى لايزال مصرا على دعم وحماية إسرائيل إلى ما لا نهاية، فى حين أنه لو قرر إيقاف هذا الدعم فسوف يتم وقف إطلاق النار على الفور، وتسقط حكومة نتنياهو إلى غير رجعة.
حتى الشعب الأمريكى نفسه أصبح مؤمنا بضرورة وقف الحرب، وعدم تقديم مساعدات عسكرية لإسرائيل، حيث أظهرت استطلاعات الرأى التى أعدتها مؤسسة «جالوب» الأمريكية فى الأسبوع الماضى أن أغلبية الأمريكيين يرفضون الحرب الإسرائيلية على غزة، كما يعارضون تقديم المزيد من المساعدات العسكرية لإسرائيل.
رغم كل ذلك لاتزال الإدارة الأمريكية تصم آذانها عن كل ذلك، وتسير فى الاتجاه المعاكس بدعم إسرائيل، ومساندتها ماديا، وعسكريا بشكل غير مقبول، أو معقول حتى الآن مما يفتح الباب أمام سيناريوهات كثيرة فى المنطقة صعبة، ومعقدة.