الوجه القبيح تحت «أقدام» الطلاب

 
نشر بالأهرام الثلاثاء 30 أبريل
نجحت ثورة الطلاب فى الجامعات الأمريكية فى «تعرية» الوجه القبيح للإدارة الأمريكية بعد أن كشفت زيف ادعاءات الديمقراطية، وحرية الرأى والتعبير، التى تتغنى بها، وصدعت بها رءوس العالم شرقه وغربه.
ماذا لو حدثت تلك «الهجمة البربرية» على الطلاب فى أى دولة من دول العالم المختلفة مع أمريكا، واقتحمت الشرطة فى تلك الدول اعتصامات الطلاب؟!
كانت الدنيا سوف «تقوم ولا تقعد»، وكانت الإدارة الأمريكية سوف تخرج بدءا من الرئيس الأمريكى «بايدن»، ووزير خارجيته بلينكن، ومرورا بالمتحدث الرسمى، ومستشار الأمن القومى، وانتهاء بالكونجرس الأمريكى بغرفتيه «النواب والشيوخ» للإدانة، والتنديد بالممارسات الديكتاتورية «الشائنة» والمناداة بفرض العقوبات الدولية «تارة»، والعقوبات الأمريكية «تارة أخري» على هذه الدولة أو تلك، وكياناتها وأفرادها انتصارا لمبادئ الحرية والديمقراطية، وحقوق الإنسان، وعدم التمييز.
ربما تكون إحدى المزايا القليلة والنادرة للحرب على غزة هى سقوط «الأكاذيب الأمريكية» تحت أنقاض غزة أولا، ثم سقوطها مرة أخرى تحت أقدام الطلاب فى الجامعات الأمريكية.
انتفض الطلاب «الأمريكان» وتصاعدت احتجاجاتهم ضد المجازر الإسرائيلية فى غزة، فهم فى بلد الحريات - كما كانوا يعتقدون - لكن أتضح أن كل ذلك ماهو إلا مجرد دخان فى الهواء، حيث اقتحمت قوات الشرطة وقوات مكافحة الشغب مقر اعتصام الطلبة، وأمهلت قوات مكافحة الشغب الطلاب بعض الوقت لتفكيك الخيام، بعد أن اعتقلت العشرات منهم رغم أنهم لم يفعلوا شيئا سوى التنديد بالمجازر الإسرائيلية، ورفض الإبادة الجماعية التى يمارسها جيش الاحتلال الإسرائيلى ضد السكان المدنيين فى قطاع غزة.
أكثر من 34 ألف قتيل، وأكثر من 75 ألف مصاب، ولا تزال الدماء تجرى أنهارا بغير حساب فى أكبر مجزرة بشرية فى التاريخ الحديث بعد أن اقتربت الحرب على غزة من الدخول فى شهرها السابع بلا توقف.
مجازر جماعية، ومقابر للدفن أحياء، واستهداف للأطفال والنساء، بالإضافة إلى باقى الأفعال الإجرامية، من تدمير للمبانى والمدارس والمستشفيات والمساجد والكنائس، مما جعل العالم كله ينتفض ضد تلك الأساليب الوحشية، وتحرك معها المجتمع الطلابى الأمريكى فى جامعات كولومبيا، وبيل، وهارفارد، وبرينستون، وجورج واشنطن، وإيمورى، وغيرها من الجامعات لتذكر العالم من جديد بمظاهرات الطلبة المعادية للحرب على فيتنام التى اندلعت عام 1968 رفضا للحرب فى فيتنام، ونظام الفصل العنصرى فى جنوب إفريقيا، وضد التمييز العنصرى ضد الأمريكيين من أصول إفريقية.
أتمنى أن تنجح حركة الاحتجاجات الطلابية فى أمريكا فى إعادة «الرشد المفقود» إلى عقل الإدارة الأمريكية، وأن تسهم تلك الاحتجاجات فى كشف آخر نظام استعمارى عنصرى فى العالم فى الأراضى المحتلة بفلسطين، لتتوقف آلة الحرب والعدوان، وينتزع الشعب الفلسطينى حقه المشروع فى إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو عام 1967 طبقا لمقررات الشرعية الدولية، وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة.

Back to Top