الرايات السوداء والاحتفالات الحزينة
فى أسبوع الآلام تكتسى الكنائس بالرايات السوداء لتشارك المسيح آلامه قبل الأعياد، وفى هذا العام اختفت مظاهر الفرح والاحتفالات فى بيت لحم، ولم تعد هناك غير الرايات السوداء لتشارك المسيح آلامه، وتشارك أهل غزة أيضا الحزن والآلام على الضحايا والمصابين والمفقودين.
وفق وكالة الأنباء الفلسطينية فقد اختفت كل مظاهر البهجة والفرح فى مدن بيت لحم، وبيت جالا، وبيت ساحور، واقتصرت الاحتفالات فقط على الشعائر الدينية فى مشاهد متكررة منذ احتفالات عيد الميلاد الماضى وامتدت إلى عيد القيامة.
العدوان الاسرائيلى على غزة يكرس حالة التطرف التى باتت مسيطرة على الكيان الإسرائيلي، والتى تعيد إلى الذاكرة ما فعله اليهود المتطرفون بالمسيح وأتباعه منذ ولادته حتى قيامته.
فى عيد الميلاد الماضى كشف البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية، وبطريرك الكرازة المرقسية فى عظته عن جوانب من شخصية هيرودس الشرير، ذلك الملك اليهودى الدموى الذى أمر بقتل كل الاطفال فى بيت لحم حينما علم بولادة المسيح، من أجل أن يقتل المسيح فى مهده، وينهى رسالته قبل ان تبدأ.
نجا المسيح من هيرودس الشرير، وتكفل الله برعايته، فهو رسوله إلى بنى البشر فى ذلك الزمان، ومات هيرودس الشرير، وانتشرت دعوة المسيح رغم أنف هيرودس وكل الأشرار القتلة المعاونين له.
كان البابا تواضروس ـ كعادته ـ ذكيا وموفقا حينما ربط بين هيرودس الشرير فى ذلك الزمان، وهيرودس الشرير فى الوقت الحالى الذى يقتل الأطفال والنساء فى غزة والضفة، ويرتكب أبشع المجازر البشرية فى العصر الحديث رافضا كل نداءات السلام، ووقف القتال، من أجل شخصه ومعه حفنة من المتطرفين يلتفون حوله ولايؤمنون إلا بالقتل والتخريب والتدمير والرقص على جثث الآخرين.
تذكرت كل هذا، وانا اتابع أخبار احتفالات الإخوة المسيحيين هذا الأسبوع باسبوع الآلام، ورفع الرايات السوداء فوق الكنائس تزامنا مع تلك الاحتفالات، والتى جاءت هذا العام مواكبة لأكبر مجزرة بشرية فى التاريخ الحديث راح ضحيتها حتى الآن أكثر من 100 ألف قتيل ومصاب، وتدمير اكثر من 75% من مبانى ومنشآت قطاع غزة بشكل لم يشهد له التاريخ الحديث مثيلا.
أتمنى أن يعود هيرودس الشرير الحالى إلى عقله ويستجيب لنداءات السلام لتعود الافراح إلى المساجد والكنائس والمعابد، وينعم الشرق الأوسط بالسلام والأمان.