«اللطمة» القوية
نشر بالأهرام الثلاثاء 14 مايو 2024
الإجراء الذى اتخذته مصر أمس الأول، الذى أعلنته وزارة الخارجية فى بيان صادر عنها بخصوص اعتزام مصر التدخل رسميا لدعم الدعوى التى رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، هو بمنزلة «لطمة قوية» للحكومة الإسرائيلية لعلها تفيق من غيبوتها، وتحديها لكل الأعراف والقوانين الدولية.
أوضحت وزارة الخارجية أن التدخل رسميا فى الدعوى التى أقامتها جنوب إفريقيا جاء نتيجة انتهاكات إسرائيل لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها فى قطاع غزة، ويأتى فى ظل تفاقم حدة ونطاق الاعتداء الإسرائيلى ضد المدنيين الفلسطينيين فى قطاع غزة، والإمعان فى اقتراف ممارسات ممنهجة ضد أبناء الشعب الفلسطينى من استهداف مباشر للمدنيين وتدمير البنية التحتية فى القطاع، ودفع الفلسطينيين للنزوح والتهجير خارج أراضيهم، مما أدى إلى خلق أزمة إنسانية غير مسبوقة أدت إلى ايجاد ظروف غير قابلة للحياة فى قطاع غزة، فى انتهاك صارخ لأحكام القانون الدولي، والقانون الدولى الإنساني، واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 بشأن حماية الأشخاص المدنيين فى وقت الحرب.
بيان فى منتهى القوة يليق بمصر، ومكانتها، وزعامتها، ويوجه «لطمة قاصمة» للحكومة الإسرائيلية، بعد أن استنفدت مصر كل وسائل المفاوضات، وبذلت جهودا مضنية لإسكات الرصاص فى قطاع غزة، لكن تعنت الحكومة الإسرائيلية أفسد كل المحاولات للوصول إلى اتفاق لوقف الحرب، وضمان إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية على نحو عاجل وكاف بما يلبى احتياجات الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة.
محكمة العدل الدولية أصدرت منذ عدة أشهر عدة قرارات تخص إلزام إسرائيل بتدابير مؤقتة تضمن نفاذ المساعدات الإنسانية بشكل عاجل ودائم، وطالبت بعدم اقتراف القوات الإسرائيلية لأية انتهاكات ضد الشعب الفلسطينى باعتباره شعبا يتمتع بالحماية وفقا لاتفاقية منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية.
لم تلتزم إسرائيل بتلك التدابير بل ارتفع عدد القتلى إلى أكثر من 35 ألف فلسطينى معظمهم من الأطفال والنساء، إلى جوار أكثر من 75 ألف مصاب، كما تم تدمير كل مقدرات الحياة فى القطاع من طرق، ومستشفيات، ومدارس، وشبكات مياه، وصرف، ومبان سكنية، وكل ما يتعلق بالحياة بشكل مباشر أو غير مباشر.
من هنا جاء هذا الموقف المصرى القوى والمباشر برفض تلك الأساليب «الإجرامية»، ليكون رسالة قوية إلى «القادة الإسرائيليين» بضرورة التوقف عن تلك الممارسات الهمجية، والعودة إلى لغة العقل قبل أن تسوء الأوضاع أكثر من ذلك، وتخرج الأمور عن السيطرة.
المؤكد أن الشعب المصرى كله يقف الآن صفا واحدا خلف قيادته، مؤيدا لتلك التوجهات التى جاءت معبرة عن كل أطياف الشعب المصرى بلا استثناء.