«نار» الصعيد و«نوره»!

بقلم : عبدالمحسن سلامة

يوم الأحد الماضى لم يكن يوما عاديا على الاطلاق، حيث استيقظت فى الثالثة صباحا، وتحركت بعد صلاة الفجر مباشرة فى الرابعة صباحا إلى مطار شرق القاهرة لكى أنضم إلى نخبة من الزملاء الصحفيين والإعلاميين فى الطريق إلى الأقصر، ومنها ركبنا طائرة هليوكوبتر إلى قرية المراشدة فى محافظة قنا.

كان الجو حارا خانقا رغم أننا مازلنا فى ساعات الصباح الأولى فهذه هى طبيعة أجواء الصعيد الذى يكاد يتحول صيفه إلى «نار» يصعب تحملها لمن لم يتعودوا عليها، لكن الأمر اختلف وتغير تماما بعد أن هبطت بنا الطائرة فى قرية المراشدة وهبطنا منها بسلام لنركب السيارات المخصصة لنقلنا إلى مكان الاحتفال، وما أن وطأت اقدامنا أرض الاحتفال حتى تغير الموقف تماما وتحول «نار» الصعيد إلى «نور» يشع فى قلب الصعيد «الجواني» كما يقولون.

الانجازات لها مذاق «رائع» خاصة إذا جاءت بعد جهد ومشقة، والأهم إنها جاءت لتلبى احتياجات اساسية للمواطنين فى تلك المناطق التى كانت «منسية» لفترات طويلة.

فى تمام العاشرة صباحا بدأت وقائع الاحتفال بعد أن حضر الرئيس عبد الفتاح السيسى لتستمر وقائعه لمدة تجاوزت 5 ساعات كاملة وكانت هذه هى أبرز الملاحظات:

أولا: كان الرئيس عبد الفتاح السيسى «كعادته» حاضر الذهن شديد التركيز وكانت البداية كلمة المهندس شريف اسماعيل رئيس مجلس الوزراء الذى تحدث عن الصوامع الحديثة وضرورتها، وأن الحكومة تقوم بانشاء 25 صومعة جديدة بتكلفة 2،5 مليار سوف تسهم فى خفض الفاقد وتوفير ما يقرب من 4 مليارات جنيه سنويا إلى جانب أهمية تلك الصوامع فى الحفاظ على جودة القمح وصلاحيته.

بعد أن أنهى المهندس شريف اسماعيل كلمته تدخل الرئيس ليشكر دولة الامارات الشقيقة التى تحملت تكاليف إنشاء الصوامع الجديدة ليؤكد معنى الوفاء والعرفان بالجميل، وأن مصر لا تنسى من وقف إلى جانبها.

ثانيا: تحدث وزير الزراعة عن ضرورة الاعتماد على الانتاج المحلى فى المحاصيل الاستراتيجية لتقليل فاتورة استيرادها التى تصل إلى 5 مليارات دولار سنويا، مشيرا إلى وضع خطة للحد من ذلك فى تلك المحاصيل الأساسية مثل القمح والفول والذرة الصفراء.

هنا تدخل الرئيس ليناقش وزير الزراعة فى تأثير تحرير سعر الصرف على الزراعة فى مصر وأن التحرير سوف يعود بالنفع لصالح المحاصيل المصرية والانتاج المحلي، وأن الدولة سوف تقوم بتقديم كل التسهيلات للمزارع المصرى لتكون الأولوية للانتاج المصرى بدلا من سياسة دعم الجنيه التى أدت إلى زيادة الاستيراد.

أعتقد أن الزراعة تحتاج إلى مؤتمر خاص بها تحت رعاية الرئيس وحضوره لمناقشة مشكلاتها من كل جوانبها بدءا من التعدى على الأراضى الزراعية ومرورا بأسعار مدخلات الزراعة من تقاوى وأسمدة ومستلزمات إنتاج وانتهاء بالتسويق والتصدير، وذلك كله فى اطار رؤية استراتيجية تكون الحكومة ملزمة بتطبيقها لإنقاذ الزراعة المصرية وتحقيق أكبر قدر من الاكتفاء الذاتى من المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والفول والأذرة، بالاضافة إلى خطة متكاملة لتوفير اللحوم والأسماك والدواجن وضمان توفير الاعلاف، ووضع كل ذلك فى إطار استراتيجية محكمة ومتكاملة مع استراتيجية المليون ونصف المليون فدان لان الزراعة لا تقل أهمية عن الصناعة ودورها لابد ان يكون محوريا خلال المرحلة المقبلة.

ثالثا: بعد ذلك تحدث وزير التموين د.على مصيلحى عن خطط الوزارة فى توفير السلع وانشاء البورصة السلعية وضرورات الترشيد وتوفير الفاقد، وتدخل الرئيس اكثر من مرة ليناقشه ويضع النقاط على الحروف مشيرا إلى ضرورة شرح الموقف كاملا للمواطن لانه صاحب الحق وصاحب المصلحة بعيدا عن لغة الارقام الجافة حتى يصبح المواطن على دراية كاملة بالموقف الاقتصادي، ومتابعا لما يحدث من خطوات.

رابعا: حينما تحدث وزير النقل أوضح أن مشروعات الطرق فى الصعيد بلغت 445كم بتكلفة 2.2 مليار جنيه لترتفع حصة الصعيد لأول مرة فى خطة إنشاء الطرق إلى تلك النسبة غير المسبوقة مما يؤشر إلى زيادة الاهتمام بالصعيد وانه أصبح على رأس أولويات الحكومة.

أثناء عرض الطرق والكبارى لاحظ الرئيس أن هناك كوبرى يتداخل مع طريق الكباش فى الأقصر، وأصر الرئيس على مناقشة الأمر واستيضاحه من وزير النقل، واتمنى ان يكون هناك بيان من وزارة الآثار حول تلك النقطة.

خامسا: كانت قضية وضع اليد هى القضية الابرز التى فجرها الرئيس اثناء المؤتمر مطالبا بضرورة وضع حد لتلك الظاهرة ومكلفا الحكومة والجهات المعنية بضرورة حصر تلك التعديات وعرضها خلال مدة لا تتجاوز شهرا وازالة المخالف منها فورا حتى تعود هيبة الدولة.

ما فعله الرئيس يستحق التحية والتقدير ولابد أن تتجاوب معه كل اجهزة الدولة بدءا من الوحدات المحلية وانتهاء بالمحافظات والوزارات المعنية.

المعتدون على املاك الدولة معظمهم من القطط السمان، ففى حين وقف المواطن البسيط »حمام« من ابناء المراشدة ليطالب ببعض الافدنة لمواطنى القرية، وقد استجاب الرئيس على الفور لمطلب حمام وأهالى القرية وقرر تخصيص الف فدان لهم تتحمل تكلفتها القوات المسلحة وتوزع على ابناء القرية المستحقين.

انتهى الاحتفال ليواصل الرئيس عبد الفتاح السيسى ميدانيا افتتاح صومعة المراشدة وكوبرى جرجا فى اطول ايام الافتتاحات المصرية.

أخيرا تبقى التحية واجبة الى الهيئة الهندسية للقوات المسلحة التى حققت هذا الانجاز المهم والرائع فى قلب الصعيد، وكذلك التحية إلى إدارة الشئون المعنوية التى تحملت عبء تنظيم هذه الاحتفالية.

رابط لمقال

http://www.ahram.org.eg/NewsQ/595145.aspx

Back to Top