صحة الأسرى ومستقبلهم
نشر الأهرام الأثنين 10 يونيو 2024
لفت انتباهى أن الأسرى الأربعة الذين عادوا إلى إسرائيل أول أمس، كانوا فى كامل لياقتهم الصحية والنفسية، وهذا يعنى ببساطة حسن معاملتهم كأسرى صحيا، ونفسيا، وغذائيا رغم كل ظروف الحصار القاتل على قطاع غزة منذ نحو 8 أشهر حتى الآن.
أعتقد أن هذا المشهد يستحق التوقف أمامه والمقارنة بينه وبين أوضاع الأسرى الفلسطينيين فى السجون الإسرائيلية، وخاصة معتقل قاعدة «سدية تايمان» فى صحراء النقب.
صحيفة نيويورك تايمز زارت القاعدة التى تحولت إلى أكبر معتقل لاحتجاز الفلسطينيين من أبناء قطاع غزة، ورصدت حجم الانتهاك الصارخ لحقوق الأسرى الفلسطينيين، حيث يجلس الرجال مكبلين بالأغلال ومعصوبى الأعين طوال الوقت، وغير مسموح لهم بالحديث بصوت عال، وممنوع عليهم الوقوف أو النوم إلا بإذن من الجنود الإسرائيليين الذين يراقبونهم من الجانب الآخر من خلال سياج شبكى.
الصحيفة صحيفة أمريكية وليست عربية أو حتى أوروبية، وأفردت تقريرا مأساويا عن أوضاع المعتقلين والأسرى الفلسطينيين فى معسكرات التعذيب الإسرائيلية فى قاعدة «سدية تايمان»، ووصفته بأنه يفوق معتقلات أبو غريب، وجوانتانامو، وأنه أقرب إلى معسكرات الاعتقال النازية.
فى ذات الوقت، خرج الأسرى الإسرائيليون الأربعة بكامل لياقتهم الصحية والبدنية ليدحضوا بشكل عملى وعلمى كل الأكاذيب الإسرائيلية، وما تم ترويجه من خلال بعض وسائل الإعلام الغربية، التى ابتلعت هذه الأكاذيب عن وحشية المقاومة، وارتكابهم أفعالا غير قانونية.
على الجانب المقابل فإن تكلفة تحرير الأسرى الأربعة كانت باهظة وتحولت عملية انقاذ الرهائن إلى حمام دم، حيث استخدم جيش الاحتلال كل أنواع الأسلحة برا وبحرا وجوا مخلفا مجزرة راح ضحيتها نحو 210 من الشهداء الفلسطينيين، وأكثر من 400 جريح أغلبهم من الأطفال والنساء، فى حين تم قتل أحد الضباط الإسرائيليين من وحدة اليمام الخاصة المشاركة فى العملية.
خطورة هذه العملية وتداعياتها السلبية المقبلة ظهرت فى ردود أفعال أهالى الأسرى الإسرائيليين الذين خرجوا فى مظاهرات كبيرة أول أمس، مطالبين بعقد صفقة تبادل، ووقف الحرب، لما تحمله هذه النوعية من العمليات من مخاطر جسيمة على أرواح الأسرى أنفسهم.
هذه المخاطر سوف تزداد حتما خلال المرحلة المقبلة، بعد أن تنبهت المقاومة إلى احتمالية تكرار مثل هذه العمليات، وبالتالى هناك مخاطر كبرى سوف تحيط بمستقبل الأسرى إذا لم يتم الاسراع بالاتفاق على وقف القتال، وعقد صفقة تبادل.
نيتانياهو يلعب «لعبة القمار الأخيرة»، ولم يعد يشغله شيء سوى إنقاذ نفسه وحكمه، وبايدن مازال يفكر دون أفعال جادة وحقيقية لوقف القتال بعيدا عن التلاعب بالألفاظ واهدار المزيد من الوقت.