السلام والحياة الكريمة للجميع: بقلم عبدالمحسن سلامة من نيويورك
تحت شعار «علي الشعوب السعي إلي تحقيق السلام والحياة الكريمة للجميع علي كوكب مستدام»، افتتح رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة ميروسلاف لاجيك، الدورة الجديدة للجمعية العامة للأمم المتحدة التي يشارك فيها الرئيس السيسي بعد أن شارك من قبل في فاعليات عديدة للأمم المتحدة ,أبرزها مشاركته في الدورة الـ 69 للجمعية العامة في 24 سبتمبر ,2014 والدورة الــ71 في سبتمبر.2016 كما ترأس في الدورة نفسها اجتماع مجلس الأمن والسلم الإفريقي, وشارك في اجتماع رؤساء الدول الأفارقة المعنية بتغير المناخ.
مصر الآن عضو بمجلس الأمن بعد أن نجحت في أن تتسلم مقعدها غير الدائم بالمجلس في يناير من العام الماضي ويستمر حتي نهاية العام الحالي، وحصلت مصر وقتها علي 179 صوتا من أصل ،191 لتدخل مجلس الأمن مرفوعة الرأس بعد أن حصلت علي أعلى الأصوات من بين الدول غير الدائمة في مجلس الأمن.
استطاعت مصر خلال عضويتها بمجلس الأمن أن تكون صوتا وسندا لكل رؤي وأفكار ومصالح إفريقيا والعالم العربي. كما قامت بنشاط مكثف خلال فترة عضويتها حتي الآن في مجلس الأمن، من خلال عقد أكثر من ثلاثين حدثا، من بينها اجتماعات في مجلس الأمن واجتماعات في القاهرة، وكذلك العديد من ورش العمل والدورات التدريبية بالتعاون مع مركز القاهرة الدولي.
كشف حساب مصر فى مجلس الأمن مشرف ومملوء بالإنجازات، فقد استطاعت عقد أول اجتماع استشارى بين مجلس الأمن ونظيره فى جامعة الدول العربية فى مقر الجامعة بالقاهرة فى مايو2016، كما أنها عقدت خلال رئاستها الحالية للمجلس نقاشا مفتوحا حول العقوبات الدولية، وكيفية تعامل الدول معها.
نجحت مصر بالتعاون مع عدد من الدول المنتخبة فى إصدار القرار 2286 بشأن حماية المنشآت الطبية فى النزاعات المسلحة، كما لعبت دورا مهما في تعزيز التعاون بين مجلس الأمن ومجلس السلم والأمن الإفريقى، وتوضيح وجهة النظر الإفريقية ،خاصة فيما يتعلق بالقضايا التى تمس القارة، وقد نجحت في عقد مناقشة مفتوحة فى المجلس تحت عنوان «التعاون فى مجال السلام والأمن بين الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقى» أسفر عن بيان رئاسى لمجلس الأمن يرحب باعتماد خطة طريق السلام والأمن الإفريقىــ 2016) ـ2020).
فى مجال مكافحة الإرهاب استطاعت مصر تركيز الأضواء على ضرورة قيام المجلس بدور أكثر نشاطا فى مكافحة الإرهاب ،مع تأكيد ضرورة انتهاء عصر المعايير المزدوجة فى مكافحة التهديدات الإرهابية المختلفة، وأن تكون المواجهة شاملة جميع جوانب التهديد ومن كل الأيديولوجيات التى تنشر الكراهية، ولقد ظهر المردود الإيجابى للجهد المصرى فى هذا المجال بعد أن صدر قرار مجلس الأمن رقم 2370 الخاص بمنع الإرهابيين من حيازة الأسلحة، وبعد القرار الذي يتيح مواجهة المنظمات الإرهابية مثل تنظيم داعش والقاعدة والجماعات الارهابية الأخرى، والأفراد المرتبطين بتلك الجماعات، ومنعهم من الحصول على الأسلحة بحيث تمتنع جميع الدول عن تقديم أى شكل من أشكال الدعم للجماعات الإرهابية.
أسهم هذا القرار فى تعزيز النظم الوطنية لجمع وتحليل البيانات المفصلة عن الاتجار غير المشروع بهذه الاسلحة، ووضع قوانين وانظمة وإجراءات صارمة على الإنتاج، والتصدير، والاستيراد، والسمسرة، والعبور، وإعادة نقل الاسلحة الصغيرة والخفيفة، وذلك بهدف تجفيف منابع دعم وتمويل ومساندة الارهابيين وعدم وصول الأسلحة إليهم.
نجاحات كثيرة ومتعددة استطاعت الدبلوماسية المصرية من خلال رئاستها لمجلس الأمن أن تحرزها بعد أن تغيرت صورة مصر فى العالم، وتأكد العالم من صدق الرؤية المصرية فى مجال مكافحة الإرهاب والتطرف.
فرق ضخم بين مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسى فى الدورات السابقة للجمعية العامة، والدورة الحالية.
فى الدورات السابقة كانت مصر لاتزال تعانى من آثار ثورتى 25 يناير، و30 يونيو ما بين مؤيد ومعارض فى المجتمع الدولى، فقد كان هناك من يتربص بمصر وتجربتها، ويحاول عرقلة تقدمها وإصرارها على تحقيق رؤيتها، إلا أنه هذا العام الصورة اختلفت تماما، لأن مصر الآن هى محل احترام العالم وتقديره، وبعد أن كانت مصر شبه محاصرة، تغيرت الصورة تماما، فالعالم كله تأكد من صدق الرؤية المصرية فى مكافحة الارهاب والتطرف، وعادت مصر بقوة إلى مجتمعها العربى والافريقى والدولى، ولذلك فإن مشاركة الرئيس هذه المرة تأتى من نجاح التجربة المصرية على جميع الأصعدة.
نيويورك الآن تستقبل أكثر من نصف زعماء العالم حضروا خصيصا إلى مقر الأمم المتحدة لعرض وجهات نظرهم حول القضايا المثارة الآن على الساحة العالمية، ولأجل عرض رؤاهم حول واقعهم داخل أوطانهم وتصوراتهم للمستقبل على جميع الأصعدة.
الجالية المصرية بدأت تتحرك بكثافة لاستقبال الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى من المتوقع أن يشارك فى الكثير من الفعاليات خلال الدورة الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة، وكذلك الاجتماعات الثنائية والمتعددة الأطراف.
مصر لديها الآن تجربة عملية وناجحة فى مجال مكافحة الإرهاب والتطرف، كما أن مواقف الدول الداعمة للإرهاب والتطرف تغيرت الآن، ولم يعد هناك سوى عدد ضئيل من الدول أمثال قطر ممن يقفون وراء دعم المنظمات الإرهابية، وبعد أن كانت تلك الدول صاحبة صوت عال ومؤثر تحولت إلى دول منبوذة من المجتمع الدولى كله إلا قليلا ممن لهم مصلحة فى تدمير العالم العربى ،واستمرار حالة الفوضى والانفلات التى حدثت خلال الفترة الماضية.
الآن المجتمع الدولى أمامه العديد من التحديات الخطيرة ،ولابد أن تسعى الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى ضرورة التمسك بشعار هذه الدورة من أجل أن تسعى الدول إلى تحقيق السلام والحياة الكريمة للجميع على كوكب مستدام.
أخطر هذه التحديات ما يحدث فى ميانمار وجرائم الإبادة الجماعية التى تقع