مصر والخليج فى مواجهة محور الشر

نيويوك: عبد المحسن سلامة

مؤامرة كبري تنسج خيوطها علي المنطقة منذ فترة ليست بالقصيرة حتي من قبل قيام ثورات الربيع العربي وبالتحديد منذ الحرب العراقية ـ الإيرانية، ثم الحرب العراقية الكويتية واحتلال العراق للكويت، وما تلا ذلك من إعلان الحرب علي العراق واحتلاله وتدميره بغرض تفتيته وتقسيمه، وهو ما يحدث فعليا الآن بعد إعلان حكومة كردستان العراق عزمها علي الانفصال، وتدشين استفتاء رسمي لإعلان نية الانفصال، ولا أحد يعلم علي وجه اليقين إلي أين سينتهي السيناريو المرسوم؟ وهل سيكون بإعلان حرب جديدة؟ أم أنه سيتم إعلان استقلال كردستان لتبدأ مرحلة جديدة من الفوضي داخل مربع العراق ـ تركيا ـ إيران ـ سوريا، وهي الدول التي تضم أقليات كردية تطالب بالانفصال والاستقلال منذ فترة طويلة.

سيناريوهات متعددة يتم إعدادها وتخطيطها للمنطقة لإشعالها وجعلها دائما علي صفيح ساخن من التوتر والقلاقل والاضطرابات.

في ظل هذا المشهد العبثي تبقي ضرورة وحدة مصر والخليج لمواجهة كل السيناريوهات المتوقعة، لأن مصر والخليج ضمن دائرة الاستهداف، ونجاح أو فشل تلك السيناريوهات يتوقف علي قوة العلاقة الإستراتيجية بين مصر ودول الخليج خلال المرحلة المقبلة.

الرئيس عبدالفتاح السيسي من جانبه ومنذ إعلان ترشحه لرئاسة مصر أعلن فى أكثر من مناسبة أن أمن الخليج يرتبط بأمن مصر، وأن مصر على استعداد دائما للدفاع عن أمن الخليج باعتباره جزءا لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، ومن هنا تأتي أهمية الزيارات واللقاءات المتكررة بين الرئيس عبدالفتاح السيسي وقادة دول الخليج، وآخرها زيارته لدولة الإمارات العربية المتحدة خلال الأسبوع الماضي، وهي الزيارة التي تعكس مدي عمق وقوة العلاقات بين البلدين الشقيقين في مختلف المجالات، وخلال الزيارة أشار إلي أنه لابد من الحفاظ علي وحدة وسيادة الدول التي تشهد أزمات، وصون مقدرات شعوبها، والعمل علي تمكين مؤسساتها من حفظ الأمن ومكافحة الإرهاب، وهي إشارة واضحة للأزمات التي تعاني منها المنطقة حاليا، والمؤامرات التي تنسج خيوطها للإيقاع بدول المنطقة.

مصر والإمارات «نموذج» للتعاون المشترك في مختلف المجالات منذ عهد المرحوم الرئيس المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، إلا أنه وخلال الفترة الأخيرة ازدادت العلاقات تشعبا ورسوخا، وامتدت إلي العديد من المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية.

نفس الحال ينطبق على المملكة العربية السعودية، والكويت، والبحرين، وسلطنة عمان، إلا أن هناك من يحاول العبث في هذا الملف، وخاصة دولة قطر التي تقوم بدور «والي عكا» الشهير أثناء الحروب الصليبية، فهي تنتظر التعليمات، وتقوم بتنفيذ السيناريوهات، ولا يتحرج وزير خارجيتها من أن يعترف بأن قطر قدمت نفسها هدية لإيران بعد المقاطعة العربية لها.

مشكلة قطر أنها تقوم بتنفيذ سيناريوهات معدة لها سلفا في خارج حدود المنطقة، ولذلك نجد التعامل معها من جانب الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوروبي تعاملا مذبذبا ويكتنفه الغموض والالتباس، فالتصريحات المعلنة «شيء»، والعلاقات بينهم» شيء آخر» كما يقولون.

أعتقد أن المشكلة الأساسية داخل المنطقة ليست في قطر، وإنما هي في إيران وإسرائيل، لأن قطر ما هي إلا «عراب» للسيناريوهات التي يتم الاتفاق عليها.

العلاقة بين إيران وإسرائيل ليست علاقات دبلوماسية أو إستراتيجية، وإنما هي علاقة مصلحة يعتقد كل طرف أنها تصب في صالحه، فإيران تتحرك وتعبث بقوة، وإسرائيل تقف موقف المتفرج لتستفيد دون مقابل أو علي الأقل دون جهد علني.

إيران تسعي لفرض الهلال الشيعي وتصدير ثورتها وتوسعة دائرة نفوذها بعد أن نجحت في العراق وسوريا ولبنان ولاتزال تحاول في اليمن، وتضع البحرين كهدف استراتيجي، وتريد أن تخترق باقي دول المنطقة.

 

أما إسرائيل فهي الآن في أفضل أحوالها، ولأول مرة تصبح في مكان دافئ وآمن منذ قيامها عام 1948 لا ينازعها فيه أحد، بعد قيام ثورات الربيع العربي بالمهمة وانهيار سوريا وليبيا وتدمير العراق وتقسيمه ودخول المنطقة كلها في دوامة من الصراعات والقلاقل.

محور الشر برأسه الخارجية »أمريكا وإسرائيل» وأذرعه الداخلية إيران وإسرائيل وقطر لا يريدون خيرا للمنطقة ويستهدفون أضعاف أمنها واستقرارها والوصول إلي تفتيتها بحسب مصلحة كل طرف، ودوره المرسوم في السيناريوهات التي تم إعدادها سلفا أو تلك الجاري إعدادها الآن.

لا بديل عن علاقة استراتيجية بين مصر والخليج لمواجهة تلك السيناريوهات الفوضوية، واعتقد أن موقف الرباعي العربي »مصر ـ السعودية ـ الإمارات ـ البحرين« من قطر، وتمسك الرباعي بمطالبه وازدياد العلاقات رسوخا وتميزا بين هذه الدول، هو بداية الإنقاذ لدول المنطقة.

كان لابد من وقفة علنية واضحة بعيدا عن تضامن الحجرات المغلقة أو البيانات الصماء، وإنما موقف واضح ومعلن، وبيانات محددة بها مطالب والتزامات بعد أن تأكدت تلك الدول من خطورة ما تقوم به دولة قطر من محاولات لزعزعة استقرار المنطقة، والقيام بالوكالة لتنفيذ سيناريوهات التقسيم والتفتيت، ودعم ومساندة الإرهاب بجميع أشكاله وصوره.

منطقة الخليج من المناطق التي تحتل مكانة متميزة لدي القوي الدولية بما تحتويه من ثروات طائلة وتراكمية وأيضا لأن المنطقة صاحبة الاحتياطي الإستراتيجي الأضخم والأكبر في مجال البترول والغاز.

ومن هنا كان الصراع الدائم علي تطويع دول الخليج من جانب الدول الكبري، ولأسباب عديدة وتاريخية كانت الولايات المتحدة هي الأقرب والأكثر نفوذا في دول الخليج منذ فترة طويلة وحتي الآن، إلا أن هناك متغيرات عديدة طرأت علي الساحة الدولية جعلت القوي الكبري وعلي رأسها أمريكا تعيد النظر في سياساتها الخارجية، وكانت أكثر التصريحات وضوحا ما جاء علي لسان الرئيس الأمريكي ترامب أثناء ترشحه للانتخابات

Back to Top