حلم عمره أكثر من 50 عاما!.. من أرشيف المقالات

بقلم: عبدالمحسن سلامة

تم نشره: 22 نوفمبر 2015

أخيرا تحول الحلم الذي ظل يراودنا اكثر من 50 عاما إلي حقيقة، وقام الرئيس عبدالفتاح السيسي بتحويل المشروع النووي بالضبعة إلي حقيقة بعد أن تم توقيع الاتفاقيات مع الجانب الروسي لإنشاء 4 مفاعلات من الجيل الثالث المطور لإنتاج الكهرباء بطاقة 1200 ميجاوات لكل مفاعل.

الحلم النووي المصري قديم بدأ منذ الستينيات وكان مقررا إنشاء أول محط نووية في منطقة سيدي كرير عام 1963 في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، لتكون ذات استخدام مزدوج لتوليد الكهرباء وتحلية مياه البحر، إلا أن حرب 1967 قطعت الطريق علي أنشاء المحطة، ثم عاود الرئيس الاسبق أنور السادات التفكير مرة أخري في تحقيق الحلم المصري بعد حرب اكتوبر، فأصدر قرارا جمهوريا بإنشاء هيئة المحطات النووية المصرية، وأعاد المفاوضات مع الولايات المتحدة الامريكية لإنشاء المحطة النووية، غير أن القنبلة النووية الهندية أوقفت المفاوضات وعرقلتها بعد أن قامت الهند باختبار قنبلتها النووية مما جعل امريكا بتحريض من اسرائيل ـ تصر علي ضرورة تصديق مصر أولا علي معاهدة حظر أنتشار الاسلحة النووية التي قامت بالتوقيع عليها من قبل لتموت مفاوضات إنشاء المحطة ويتراجع الحلم مرة أخري، وحينما تولي الرئيس مبارك الحكم بدأ يعيد التفكير في المشروع النووي مرة أخري غير أن حادث تشيرنوبيل ألغي المشروع، واعاده مرة أخري إلي دائرة النسيان حتي كان العام 2008، حينما أعلن مبارك إحياء المشروع وإعادة تجديد الدراسات الخاصة به، إلا أن قيام ثورة 25 يناير وماتلاها من فوضي وانفلات أمني وتأمر بعض رجال الأعمال مع الفوضويين أدي إلي اقتحام أرض الضبعة وتحطيم أسوارها وتغيير ملامحها، حتي قامت القوات المسلحة باسترداد الأرض مرة أخري ليبدأ الحلم في الظهور من جديد.

 

يوم الخميس الماضي كان موعد دخول المشروع الحلم حيز التنفيذ، حينما تم التوقيع علي إنشاء محطة الضبعة النووية المصرية بالتعاون مع الجانب الروسي، وتضم 4 مفاعلات نووية من الجيل الثالث المطور بطاقة انتاجية تبلغ 1200ميجاوات لكل مفاعل، علي أن يتم الانتهاء من أنشاء أول مفاعلين منهما في غضون تسع سنوات من بدء التنفيذ، والأهم من ذلك ان هذه المفاعلات سيتم تنفيذها وتشغيلها وفقا لأعلي معايير الجودة والامان البيئي والنووي، إذ يمكنها تحمل اصطدام طائرة وزنها أربعمائة طن وبسرعة مائة وخمسين مترا في الثانية.

هي مفاجأة سارة أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسي ليرسل بها عدة رسائل في وقت واحد أهمها تحقيق الحلم المصري الذي تأخر اكثر من 50 عاما وتنفيذه علي ارض الواقع لما له من نفع هائل علي توليد الطاقة الكهربائية خلال السنوات المقبلة، بالاضافة إلي توفير الاستخدامات السلمية الأخري للطاقة النووية أو غيرها من المجالات.

الرسالة الثانية للمشروع هي إشارة قوية من مصر إلي العالم مضمونها ان مصر تعمل بكل جدية في وقت تحارب فيه الإرهاب وتقتله من جذوره، وان محاربتها للإرهاب لن توقفها عن التفكير للمستقبل والعمل من أجله.

الرسالة الثالثة هي تجاوز حادث الطائرة الروسية مع الجانب الروسي خاصة بعد إعلان الجانب الروسي عن وقوع الطائرة الروسية بفعل حادث إرهابي، وقد حاول البعض الصيد في »الماء العكر« والوقيعة بين الجانبين، غير ان توقيع اتفاقية الضبعة وماصاحبها من اتصالات بين الرئيسين السيسي وبوتين وضع حجرا في فم كل المزايدين والشامتين والمتربصين، واكد تجاوز الجانبين الروسي والمصري للازمة كونها فعلا ارهابيا خسيسا يمكن ان يقع في أي مكان في العالم، وماحدث فى فرنسا ليس ببعيد.

الأهم من ذلك كله هو المغزي والمعني الذي يريد أن يرسله الرئيس عبدالفتاح السيسي للشعب المصري بضروة الانطلاق والعمل بكل قوة وصرامة لتجاوز تلك المرحلة الصعبة من تاريخ مصر، وتحقيق الإنجازات رغم الصعاب، من أجل مستقبل أفضل للأجيال القادمة.

 

أخيرا فان امتلاك مصر للتكنولوجيا النووية بات ضروة ملحة، فهي قاسم مشترك في مجالات كثيرة، كما أن مصر تمتلك قدرات بشرية هائلة في هذا المجال تضطر للسفر والعمل بالخارج نتيجة عدم وجود فرص عمل تحتويهم وتحقق طموحاتهم بالداخل، والبدء في تنفيذ البرنامج النووي المصري للاستخدامات السلمية سوف يساعد على تطوير هذه الكوادر المصرية وتأهيلها للاستفادة منهم في إعداد اجيال جديدة من الخبراء في كل المجالات، بالاضافة إلي توفير مصدر طاقة لايقل أهمية عن البترول والسد العالي، في وقت تحتاج فيه مصر إلي التوسع الصناعي العمراني لاستيعاب المشاريع المستقبلية.

عموما هي مفاجأة سارة من مفاجآت الرئيس عبدالفتاح السيسي لشعبه وللعالم، والقادم أفضل ان شاء الله.

الرابط

http://www.ahram.org.eg/NewsQ/455378.aspx

Back to Top