يد تقاتل فى سيناء..وأخرى تزرع فى مطروح ... بقلم عبدالمحسن سلامة

أطلقت القوات المسلحة والشرطة عملية كبرى أول أمس لتطهير سيناء من دنس الإرهابيين، وذلك قبل أسابيع من انتهاء المهلة التى حددها الرئيس عبدالفتاح السيسى فى 29 نوفمبر الماضى لتطهير سيناء من الإرهاب الأسود واقتلاع جذوره قائلا «ألزم رئيس الأركان أمام شعب مصر بالمسئولية خلال 3 أشهر باستعادة الأمن والاستقرار فى سيناء، واستخدام كل أنواع القوة من قبل القوات المسلحة والشرطة ضد الإرهاب حتى اقتلاعه من جذوره».

جاء كلام الرئيس فى احتفالات المولد النبوى الشريف بعد أيام من الهجوم الإرهابى الذى أسفر عن مقتل 311 شخصا من أبناء سيناء العزيزة كانوا يؤدون شعائر صلاة الجمعة فى مسجد الروضة بمركز بئر العبد فيما عرف بـ«مذبحة المصلين» والذى يعتبر ثانى أسوأ حادث إرهابى فى العالم بعد حادث برج التجارة العالمى فى نيويورك من حيث عدد الضحايا.

الحادث كان مؤلما وغادرا، ويؤكد أن الإرهاب لا دين له، وأنه لا يفرق بين هذا أو ذاك، وأن هدفه الوحيد هو تدمير الدولة المصرية وكسر إرادتها، وإسالة دماء الأبرياء من أبناء الشعب المصرى بكل مكوناته وأطيافه، بعد أن نجحت مصر بفضل الله أولا، وجيشها وشرطتها وشعبها ثانيا فى صد المخطط الإرهابى الدموى الذى كان يستهدف المنطقة كلها من المحيط إلى الخليج، وكانت درة التاج هى مصر، وبعدها كان يسهل اجتياح كل الأقطار والدول دون عوائق، لكن الشعب المصرى تنبه مبكرا إلى هذا المخطط الشيطانى الإجرامى ليقوم فى 30 يونيو بثورة شعبية هائلة استطاعت فضح المخطط الإجرامى والتصدى له، وإنقاذ الدولة المصرية منه، ومنذ هذا التاريخ فقدت التنظيمات الإرهابية عقلها، وحاولت إشاعة الفوضى، لكن القوات المسلحة كانت لها بالمرصاد، وخرج الشعب المصرى ليعطى تفويضا للرئيس بالحرب على الإرهاب، ووقوف الشعب المصرى كله على قلب رجل واحد حتى يتحقق الهدف.

وقتها كان الرئيس عبدالفتاح السيسى وزيرا للدفاع حينما طالب الشعب المصرى بالنزول إلى الشوارع يوم الجمعة 26 يوليو 2013 لمنح الجيش والشرطة تفويضا شعبيا لمواجهة العنف والإرهاب، قائلا فى كلمته أمام الخريجين «إن الجيش والشرطة يحتاجان إلى تفويض لمواجهة أى عنف أو إرهاب خلال الفترة المقبلة مناشدا الشعب المصرى أن يتحمل المسئولية مع الجيش والشرطة فى مواجهة كل ظواهر العنف والإرهاب، مشيرا فى ذلك الوقت إلى أن هناك من يريد أن يحكم البلاد أو يقوم بتدميرها ودفعها إلى نفق خطير.

كان الرئيس آنذاك وهو وزير الدفاع ورئيس جهاز المخابرات الحربية من قبل يعى خطورة الموقف، وأن هناك من يريدون تدمير الدولة بعد أن فشلوا فى حكمها.

خرج الشعب المصرى عن بكرة أبيه يوم الجمعة 26 يوليو 2013 مساندا الجيش ومفوضا له فى كل الميادين بالقاهرة والمحافظات، ومنذ ذلك التاريخ والحرب على الإرهاب لا تهدأ، وتم كسر شوكتهم، وتدمير أوكارهم، ودك حصونهم، واقتلاع جذورهم، إلا أن الحرب على الإرهاب لها خصوصية فهى لا تنتهى بين يوم وليلة، وربما تكون الحرب على العدو الخارجى أسهل من الحرب على الإرهاب، لأن مواجهة القوات النظامية الواضحة والصريحة أسهل من مواجهة الإرهابيين القتلة الذين يلجأون إلى الكر والفر، والتخفى بين المدنيين الأبرياء، كل هذه الأمور تجعل من الحرب على الإرهاب أكثر صعوبة من الحروب النظامية.

رغم كل ذلك استطاع الجيش المصرى ومعه قوات الشرطة تحقيق نجاحات هائلة على الإرهابيين فى كل مكان، ولم يعد هناك سوى بعض الفلول الشاردة، أو بعض من تتلوث عقولهم بتلك الأفكار الاجرامية، وكذلك بقايا الإرهابيين الأجانب الذين تسللوا فى سنوات الفوضى عبر الأنفاق والحدود من فلسطين وليبيا.

هؤلاء هم المستهدفون الآن من العملية الكبرى التى أطلقتها القوات المسلحة ووزارة الداخلية أول أمس ضد الإرهابيين والمجرمين، وقد بدأت العملية بشمال ووسط سيناء، ومناطق أخرى بدلتا مصر والظهير الصحراوى غرب وادى النيل إلى جانب تنفيذ مهام ومناورات تدريبية وعملياتية أخرى على جميع الجهات الاستراتيجية بهدف احكام السيطرة على المنافذ الخارجية للدولة المصرية، وضمان تحقيق الأهداف المخططة لتطهير المناطق التى توجد بها بؤر إرهابية.

وأهابت القيادة العامة للقوات المسلحة فى بيانها الأول الذى صدر أول أمس أبناء الشعب المصرى العظيم فى كل أنحاء الجمهورية التعاون الوثيق مع قوات إنفاذ القانون لمجابهة الإرهاب واقتلاع جذوره والإبلاغ الفورى عن أى عناصر تهدد أمن واستقرار الوطن.

 

هى إذن الحرب على الإرهابيين والمجرمين لاقتلاع جذورهم، وتطهير البلاد من شرورهم، وتجفيف منابع التمويل لهم من الخارج والداخل حتى يتم التخلص منهم إلى الأبد قريبا إن شاء الله.

وفى الوقت الذى تخوض فيه مصر حربا ضروسا ضد الإرهاب والإرهابيين فإنها فى ذات الوقت تعمل بكل همة فى جميع المجالات، وتبنى المشروعات القومية العملاقة فى كل ربوع الأراضى المصرية، وكان يوم الخميس الماضى هو يوم افتتاح المرحلة الأولى لمشروع الـ100 ألف فدان «صوب زراعية» فى قاعدة محمد نجيب فى محافظة مرسى مطروح، وهو المشروع الذى يعادل إنتاجه بعد استكمال مراحله كلها إنتاج مليون فدان، أى أنه بعد اكتمال مراحل المشروع خلال الفترة القليلة المقبلة يكون قد تمت إضافة إنتاج مليون فدان إلى حصيلة الإنتاج الزراعي.

التوسع فى الزراعات المحمية يعنى مضاعفة الإنتاج الزراعى ثلاثة أضعاف على نفس المساحة تقريبا مما يعطى القدرة على تغطية احتياجات الاستهلاك المحلي، وزيادة القدرة على التخصيص الأمثل للأراضى المتاحة لتنفيذ خطة الزراعات الاستراتيجية مثل القمح والخضراوات ومحاصيل الأعلاف فى ظل محدودية الأراضى المتاحة للزراعة.

أيضا فإن التوسع فى الصوب يسهم فى ترشيد استخدام مياه الرى وتوفير 50% من استهلاك المياه فى الزراعة مما يتيح القدرة على استصلاح الأراضى الجديدة بنفس كمية المياه المتاحة.

توفير المياه يتيح تنفيذ طموح الرئيس عبدالفتاح السيسى باستصلاح واستزراع المليون ونصف المليون فدان التى هى جزء من استراتيجية متكاملة تستهدف الوصول إلى استصلاح واستزراع 4 ملايين فدان أى أكثر من 50% من المساحة المزروعة الحالية، وهو رقم ضخم يكفى حاجة الشعب المصرى من المنتجات الزراعية، ويسهم فى مضاعفة الصادرات الزراعية إلى أكثر من 10 أضعاف قيمتها الحالية، ويساعد فى تعديل هيكل الاقتصاد القومى لتعود الزراعة أحد الأجنحة القوية للاقتصاد القومى كما كانت من قبل، وسد العجز الحالى فى المنتجات الغذائية التى نستوردها من الخارج، بدءا بالفول والزيوت والقمح والذرة الصفراء، وانتهاء باللحوم لتصبح لأول مرة ومنذ زمن بعيد هناك امكانية لتوفير وجبة وطنية من الخبز والفول والزيوت واللحوم.

للأسف الشديد حتى الآن لا توجد وجبة وطنية واحدة خالصة، وحتى الأكلات الشعبية نستورد جزءا كبيرا منها من الخارج مثل الفول والطعمية، أو حتى الكشرى الذى يدخل فيه العدس الذى نستورده بكميات كبيرة من الخارج أيضا.

الإهمال على مدى عقود طويلة الذى ضرب القطاع الزراعى جعل مهنة الزراعة مهنة طاردة للعاملين بها، وجعل المزارعين يقومون بالتفريط فى أراضيهم وتركها نهبا للتقسيم العشوائى والبناء المخالف، مما أدى فى النهاية إلى أن مصر أصبحت أكبر مستورد للقمح فى العالم، كما أنها تستورد أكثر من 90% من احتياجاتها من زيوت الطعام، وأيضا نستورد كميات هائلة من المنتجات الغذائية المتنوعة من كل الأصناف الضرورية على المائدة المصرية.

لقد انطلق قطار الإنجازات على مختلف الأصعدة، وسوف يستكمل مسيرته خلال المرحلة المقبلة، وفى ذات الوقت فهناك إصرار على استئصال شأفة الإرهاب من كل ربوع الخريطة المصرية، لأنه لن يكون هناك تقدم إلا بالاستقرار والأمن والأمان، وهى المعادلة الصعبة التى يصر الرئيس عبدالفتاح السيسى على تحقيقها على أرض الواقع خلال المرحلتين الحالية والمقبلة مهما يكون حجم الجهد والتضحيات.

Back to Top