لهذه الأسباب سوف أنزل وأشارك وأقف فى الطابور... بقلم : عبدالمحسن سلامة

 

غدا الاثنين يبدأ اليوم الأول للتصويت فى الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها خلال ثلاثة أيام تنتهى يوم الأربعاء المقبل إن شاء الله.

أهمية الانتخابات الرئاسية هذه المرة ليست فى حدة المنافسة، أو شراسة المعركة، وإنما هى رسالة للعالم كله بأن مصر تجتاز مرحلة النقاهة بسرعة وبخطوات منتظمة وواعية، فى وقت تتجمع فيه قوى التآمر الداخلية والخارجية لعرقلة مسيرة التقدم والإصلاح فى محاولة يائسة للنيل من مصر ومستقبلها.

حينما يتعلق الأمر بالوطن يجب ألا تكون ذاكرتنا كذاكرة الأسماك صغيرة وضحلة، وللأسف هناك من يقومون بمحاولات تشويش عنيفة تحاول جاهدة طمس الأحداث المأساوية التى عاشها الوطن لفترات ليست بالقصيرة كادت تحوله إلى أشلاء وطن.

هذه المحاولات البائسة تريد بث روح الإحباط واليأس فى إطار مخطط إجرامى لتدمير كيان الدولة، وتنفيذ مخططات التآمر الخارجية التى نجحت فى سوريا واليمن وليبيا والعراق من أجل إعادة استنساخها فى مصر، لكى تستمر أبواب جهنم مفتوحة على المنطقة كلها.

نجاح مصر فى الإفلات من المؤامرة هو الذى أزعج المتآمرين، وأوقف انتشار المؤامرة وامتداد الحريق إلى باقى الدول العربية الأخري. لكن لاتزال قوى الشر داخليا وخارجيا تضغط بقوة لتنفيذ المخطط المشئوم، وأكبر دليل على ذلك ما فعلته قطر أخيرا من تصنيف «داعش» ولاية سيناء كمنظمة إرهابية.

هذا التصنيف جاء استجابة لأحد مطالب الرباعى العربى (مصر والسعودية والإمارات والبحرين)، لكنه فى الوقت نفسه يؤكد الأدلة ضد قطر ودعمها للإرهاب والتطرف، وأن التصنيف جاء بعد الانتصارات الساحقة التى يحققها الجيش المصرى فى سيناء، واقتراب موعد تطهير سيناء تماما من كل الخلايا الإرهابية، وإلا لماذا تأخر هذا التصنيف كل هذا الوقت؟! مما يعد قرينة أكيدة على دعم قطر للإرهاب فى سيناء وفى السعودية والبحرين والإمارات بغرض استمرار عاصفة التآمر والتخريب فى العالم العربي.

المؤكد أن قطر ما هى إلا أداة منفذة للتآمر على العالم العربي، وأنها تقوم بدور مرسوم لها بعناية، وما هى إلا قطعة شطرنج يتم التلاعب بها حسب الظروف وطبيعة الدور المطلوب.

أعتقد أن هناك أسبابا كثيرة تدفع كل مواطن محب لوطنه للنزول والمشاركة بغض النظر عن اتجاهات تصويته، فالمهم المشاركة والايجابية، وهذه هى بعض الأسباب:

أولا: الأمن والأمان: لن أنسى أبدا ذلك اليوم فى أثناء حظر التجول بعد أن تحولت الثورة إلى حرق للأقسام والمراكز والمولات التجارية والمراكز البحثية وغيرها، فجاء قرار حظر التجول للحد من تلك الحوادث، وفى أثناء مرورى أمام «مول اركاديا» على كورنيش النيل، وكانت النيران مشتعلة فى «المول»، وأمام «المول» وقفت لجنة من الحرامية التى كانت تطلق على نفسها «لجانا شعبية» كانت تقوم بتفتيش السيارات وسرقة محتوياتها.

كان الكورنيش مهجورا، ورائحة الحريق تغطى على المكان، ولأول مرة أشعر بالغربة فى بلدى، فليست هذه هى مصر التى عشنا فيها.

تذكرت حريق القاهرة الذى نشب فى 26 يناير 1952 والتهم خلال ساعات قلائل نحو 700 محل وسينما وكازينو وفندق وناد فى شوارع وميادين وسط البلد فى الفترة ما بين الساعة الثانية عشرة والنصف ظهرا حتى الساعة الحادية عشرة مساء. كما تذكرت مشاهد الدماء والقتال فى أفغانستان والصومال والعراق وغيرها من الدول التى وقعت فريسة للخراب والدمار.

لا يمكن أبدا أن ننسى تلك الأيام المظلمة والمشاهد المأساوية، التى استمرت بأشكال مختلفة، وظهرت العصابات الإجرامية بوجهها القبيح، وعاد فتوات الحارة من جديد، لدرجة أنه فى تلك الفترة كانت معرفة الفتوة والحرامى محل احترام وشرف يتسابق إليه الكثيرون للأسف الشديد.

الآن تغير الوضع تماما، وعادت مصر الآمنة المطمئنة وعلى أرض سيناء تدور المعركة الأخيرة لتطهير الأرض المباركة من دنس الإرهابيين.

الأمن وحده يكفى للنزول وبكثافة لكى نحافظ على ما تحقق من إنجاز مذهل فى هذا المجال، وأدى ذلك إلى تراجع العمليات الإرهابية بنسبة 85%، كما استطاعت قوات الجيش والشرطة تطهير كل البؤر الإجرامية التى كانت قد تحولت إلى دويلات داخل الدولة يحكمها المجرمون وقطاع الطرق والهاربون من تنفيذ الأحكام.

ثانيا: تطوير القوات المسلحة والشرطة: يرتبط بالأمن والأمان داخليا وخارجيا، تطوير القوات المسلحة والشرطة ودعمهما بأحدث الأسلحة والمعدات، وقد حدثت نقلة نوعية كبرى فى تسليح وتجهيز القوات المسلحة وضعتها بين أفضل عشرة جيوش على مستوى العالم، وكذلك الشرطة المصرية التى استعادت عافيتها مرة أخري.

أصر الرئيس عبدالفتاح السيسى على تنويع مصادر السلاح للقوات المسلحة والانفتاح على كل دول العالم لتحقيق هذا الغرض، ونجح فى شراء الطائرات الفرنسية، والغواصات الألمانية، والأسلحة الروسية، بالإضافة إلى أسلحة الولايات المتحدة الأمريكية التى تربطها بمصر علاقات استراتيجية.

قرار الرئيس بتنويع مصادر السلاح قرار صائب واستراتيجى حتى لا نقع فريسة سهلة لابتزاز هذه الدولة أو تلك مرة أخري.

الحال نفسها حدثت مع الشرطة المصرية ـ مع الفارق ـ فتمت إعادة بناء الشرطة المصرية من جديد بعد محاولات هدمها والنيل منها والتجاوز فى حقها، ووصل الأمر إلى التهجم عليها وحرق الأقسام والمراكز والمديريات.

الآن مصر لديها درع وسيف من القوات المسلحة والشرطة المصرية لمواجهة كل مخاطر الخارج والداخل، ومقاومة كل الإرهابيين والمتطرفين والمجرمين بحيث لا تتعرض الدولة المصرية مرة أخرى لما تعرضت له من انفلات أمنى وحرق المنشآت العامة والخاصة تحت أى مسمي.

ثالثا: البنية التحتية: خلال الأعوام الأربعة الماضية تم إنجاز كم هائل من مشروعات البنية التحتية، وهى المشروعات التى تتعلق بالطرق والكبارى والانفاق، والمطارات، والصرف والمياه، والكهرباء وغيرها من مشروعات البنية الأساسية.

ما حدث فى هذا المجال يعتبر إعجازا بكل معنى الكلمة، وسوف تظهر آثاره قريبا على أداء الاقتصاد الوطني، لأن البنية التحتية هى بمثابة قاعدة الانطلاق لأى اقتصاد، ولا يمكن أن ينطلق دون وجود تلك البنية.

حدث هذا فى الصين ودول النمور الآسيوية وغيرها من الدول التى سبقتنا فى هذا المجال، وفرضت وجودها على الساحة الاقتصادية العالمية.

رابعا: اختفاء طوابير الخبز والغاز: فى فترة من الفترات كانت طوابير الخبز والغاز مشهدا يوميا متكررا فى طول البلاد وعرضها، ووصل الأمر إلى حد الاقتتال فى الطوابير، وسقوط ما سُمُّوا وقتها «شهداء الخبز» بعد وفاتهم فى الطوابير بسبب الاشتباكات أو الإرهاق.

الآن هذه المشاهد باتت ذكرى مؤلمة نحاول نسيانها، لكن يجب ألا تغيب عن أعيننا غدا وخلال الأيام الثلاثة المقبلة، ولو استدعى كل مواطن ساعات المعاناة فى الطوابير لذهب مسرعا إلى لجان الانتخابات، حتى لو وقف فى الطابور الطويل أمام اللجان ثلاثة أيام.

أعتقد أن المصلحة العامة تقتضى أن نتحمل طابورا طويلا كل 4 سنوات أفضل جدا من أن نقف فى هذا الطابور يوميا لنستطيع الحصول على بضعة أرغفة أو أسطوانة غاز.

خامسا: الإصلاح الاقتصادي: جاء قرار الإصلاح متأخرا وكان يجب أن يحدث فى السبعينيات أو الثمانينيات على أكثر تقدير، لكن الأيدى المرتعشة أدت إلى تأجيل المواجهة، ولم يعد هناك سوى أمرين أولهما استمرار الوضع على ما هو عليه، ليتم بعدها إعلان إفلاس مصر ومحاصرتها اقتصاديا وسياسيا، وثانيهما هو الجرأة والإقدام على اتخاذ القرار، وهو الخيار الذى لجأ إليه الرئيس عبدالفتاج السيسى لينقذ مصر من شبح الإفلاس، ويؤسس لإصلاح اقتصادى حقيقى يعيش من أجل الأجيال القادمة.

الاستسلام لفكرة «أعيش اليوم وأموت غدا» كارثى بكل معنى الكلمة، لأنه فى تلك الحالة لن يكون هناك اليوم أو غدا فى مرحلة ما، ولذلك كان قرار الإصلاح الاقتصادى وتحرير سعر الصرف ضرورة حتمية.

صحيح كان لهذا القرار تداعياته السلبية على بعض القطاعات وانخفاض مستوى الأجور، إلا أنه كان ضرورة لا مفر منها.

الإصلاح الاقتصادى نجح فى القفز بالاقتصاد إلى مرحلة الأمن والاستقرار، وساعد فى جذب العديد من الاستثمارات الخارجية، لأن رأس المال دائما «جبان» كما يقولون، وإذا شعر بجدية الإصلاح مع وجود الأمن والأمان تتغير الصورة تماما وهو ما يحدث الآن حيث أصبحت مصر مركز جذب كبيرا للاستثمارات الخارجية الراغبة فى الاستثمار داخل مصر بعد أن شعرت بتحسن المناخ وأصبح الاستثمار فى مصر أكثر ربحية من باقى دول العالم.

سادسا: القضاء على العشوائيات وتوفير المساكن: لأول مرة فى مصر تقام كل هذه المساكن دفعة واحدة، وبات كل متقدم واثقا تماما فى الحصول على شقة مادامت انطبقت عليه الشروط والأحكام، إلى جانب ذلك يتم تطهير البؤر العشوائية، وتحويلها إلى مساكن نموذجية للأهالي، كما حدث فى «غيط العنب» بالإسكندرية، والأسمرات بالقاهرة، ولايزال العمل يجرى على قدم وساق للقضاء على العشوائيات نهائيا.

سابعا: زيادة الرقعة الزراعية: جاء مشروع المليون ونصف المليون فدان من أجل زيادة الرقعة الزراعية بعد أن كانت معرضة للتآكل والانحسار فى وقت تزداد فيه أعداد السكان وتزداد مطالبهم واحتياجاتهم الغذائية.

التوسع فى الرقعة الزراعية معناه ببساطة زيادة المعروض من المحاصيل وانخفاض أسعارها مما يسهم فى الحد من الغلاء المستمر فى أسعار الخضر والفاكهة والفول والعدس واللحوم والأسماك والألبان وغيرها خلال الفترة المقبلة.

ثامنا: عودة الاكتشافات البترولية: بعد توقف دام أكثر من 5 سنوات عادت الاكتشافات البترولية مرة أخرى وكان أهمها هو اكتشاف حقل «ظهر» للغاز وهو من أكبر حقول الغاز فى العالم، وهناك العديد من الشركات التى تعمل الآن فى مجال التنقيب والبحث عن البترول والغاز، ومن المتوقع تحقيق الاكتفاء الذاتى من البترول والغاز قريبا، والاتجاه إلى التصدير بعد كفاية الإنتاج للسوق المحلية.

تاسعا: عودة سيناء إلى أحضان الوطن: جاء قرار إنشاء الأنفاق والكبارى لربط سيناء بالوطن الأم وتسهيل حركة الانتقالات منها وإليها فى التوقيت المناسب لكى تعود سيناء إلى مصر عمليا، وتقوم بدورها فى استيعاب أكثر من 5 ملايين مواطن مصرى بما يسهم فى خلخلة التكدس السكانى فى الوادى والدلتا.

عاشرا: القضاء على فيروس «سى»: كان تحدى القضاء على فيروس سى من الأحلام التى يصعب تصديقها، أما الآن فقد تحول الحلم إلى واقع، وتمت محاصرة الفيروس وعلاج أعداد كبيرة من المصابين به، ولم يعد هناك سوى جيوب صغيرة يتم التعامل معها لإعلان مصر خالية من الفيروس.

هذه الأسباب وغيرها الكثير يجعل من الضرورى الحفاظ على هذه المكتسبات واستكمال المشوار لتعود مصر كما كانت دائما «درة الشرق» بفضل الله أولا، وشعبها العظيم ثانيا..

أعتقد أن مشاهد المصريين بالخارج تؤكد مدى عمق انتماء هؤلاء لوطنهم الأم، والأمر المؤكد أن المصريين بالداخل سوف يستكملون مسيرة إبهار العالم خلال الأيام المقبلة.

Back to Top