حوارات المصارحة والمكاشفة فى منتديات الشباب

المقال الاسبوعي بالأهرام

حوارات المصارحة والمكاشفة فى منتديات الشباب

بقلم ــ ‬عبدالمحسن‭ ‬سلامة

فى الأسبوع قبل الماضى الذى حمل عنوانا رئيسيا لنشاط الرئيس عبدالفتاح السيسى وهو «أسبوع الصعيد»، وفى أثناء افتتاح توسعات مصنع كيما للأسمدة تذكر الرئيس واقعة الشاب الأسوانى علاء مصطفى الذى فجر أزمة مصرف السيل بمنطقة كيما، مشيرا إلى أن بعض المصانع والمحالج قامت بممارسات غير إيجابية أضرت بالبيئة المحيطة خلال الأعوام الـ30 الماضية، وأنه لابد من تطوير المصانع والشركات حتى لا تتدهور مرة أخرى.

الكشف عن أزمة مصرف كيما جاء خلال انعقاد المؤتمر الوطنى للشباب فى أسوان على يد علاء مصطفى، أحد الشباب المشاركين فى المؤتمر، ووقتها تحرك الرئيس على الفور، واصطحب الشاب لمعاينة المصرف، ووجه الرئيس بحل المشكلة.

هكذا تحولت منتديات الشباب إلى أكبر منصة حوارية للمصارحة والمكاشفة، والدفع بالنماذج الإيجابية على مختلف الأصعدة.

تنوعت النماذج الإيجابية بدءًا من أصحاب الأيدى العاملة «الخشنة»، مرورا بذوى الاحتياجات الخاصة وأصحاب القدرات، وانتهاءً بالنوابغ والمتفوقين فى مختلف المجالات.

مروة العبد.. فتاة من إحدى القرى التابعة للبر الغربى بالأقصر تحدت الظروف الصعبة، وأصرت على العمل والاجتهاد، وساعدت والدها الخفير النظامى لتوفير احتياجات الأسرة، واضطرت للعمل «سائقة تروسيكل»، وحينما علم الرئيس عبدالفتاح السيسى بالقصة طلب لقاءها، وهكذا فعل أيضا مع فتاة الإسكندرية منى السيد التى كانت تقود «عربة بضائع» يدوية.

ولأن الرئيس عبدالفتاح السيسى لديه حس إنسانى مرهف ويتفاعل بشدة مع البسطاء، وذوى القدرات الخاصة؛ فقد فوجئ الحاضرون فى المؤتمر الوطنى للشباب بالإسكندرية بقدوم الشاب ياسين الزغبى على دراجته بعد بتر ساقه، والموقف نفسه تكرر مع الشاب أحمد رأفت، أحد الأبطال من ذوى القدرات الخاصة، والذى استجاب الرئيس لطلبه للعمل فى القوات المسلحة بقسم السوشيال ميديا بالشركة الوطنية للمعارض والمؤتمرات الدولية.

نجحت مؤتمرات الشباب فى إلقاء الضوء على النماذج الإيجابية من مختلف الفئات لإبراز وجه مصر الحضارى والحقيقى، بعيدا عن النماذج «الشاذة» و«الغريبة» عن المجتمع المصرى الأصيل، التى تحاول أن تنشر سمومها من خلال منصات السوشيال ميديا.

منذ سبع سنوات انطلقت مصر فى طريق بناء جمهورية جديدة قوامها الحلم والأمل، والعلم والعمل، جمهورية قادرة، وليست غاشمة، تسعى للسلام، ولا تقبل الاستسلام.

هذه هى الرسالة القوية، والملهمة التى بعث بها الرئيس عبدالفتاح السيسى لكل المصريين أولا، ولكل العالم ثانيا، خلال الاحتفالات بعيد الميلاد المجيد يوم الخميس الماضى، وهى الرسالة التى تحولت إلى منهج عمل، وثورة إنجاز حقيقية فى مختلف المجالات.

غدا تنطلق النسخة الرابعة من منتدى شباب العالم، الذى ولد من رحم منتديات الشباب الوطنية، وتحول إلى الحدث الشبابى الأضخم والأكبر على مستوى العالم، بعد أن عطلته جائحة «كورونا» العام الماضى، وعاد مرة أخرى هذا العام وسط إجراءات احترازية مشددة.

ناقشت المنتديات الثلاثة السابقة العديد من القضايا التى تهم الشباب فى مختلف أنحاء العالم، حيث ركز المنتدى الأول على قضايا الهجرة واللاجئين، والديمقراطية وحقوق الإنسان، ودور مجلس الأمن الدولى، والتكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعى، والعولمة والهُوية الثقافية، والتنمية فى إفريقيا.

المنتدى الثانى للشباب ركز على 3 محاور أساسية، تتعلق بالسلام والإبداع والتطوير، فى حين حرص ذلك المنتدى على إبراز مكونات الشخصية المصرية القائمة على التعدد والتنوع والتسامح وقبول الآخر، بعيدا عن التطرف والجمود والانغلاق.

ولأن المنتدى الثالث قد جاء بعد أن نجحت مصر فى مواجهة العديد من التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية؛ فقد ركز على قضايا الإرهاب، والدولة الوطنية، والتجارب الاقتصادية الملهمة، وكل ما يدعم السلام والاستقرار فى العالم، خاصة كل ما يتعلق بالدولة الوطنية وضرورة الحفاظ عليها، ومشكلات الإرهاب والنزاعات المسلحة.

النسخة الرابعة التى تنطلق غدا تأتى عقب جائحة «كورونا» التى ضربت اقتصادات العالم فى مقتل، وأدت إلى أزمات «خانقة» ومشكلات لا حصر لها، وتأتى كذلك بعد تفاقم الكثير من الأزمات المتعلقة بقضايا المناخ والمياه والطاقة.

الواقع الجديد بعد كورونا سوف يكون ضمن المحاور الثلاثة الأساسية للمنتدى، الذى يحمل شعار «السلام والإبداع والتنمية»، ويناقش العديد من القضايا، ويطرح العديد من الآراء فى مختلف المجالات.

خلال العامين الماضيين، ومنذ انتهاء النسخة الثالثة للمنتدى عام 2019، جرت مياه كثيرة فى مصر والعالم، خاصة ما يتعلق بجائحة «كورونا» التى أرهقت الاقتصادات العالمية، وأصابتها بأزمة كبرى لم تتكرر منذ أزمة الكساد العالمى العظيم فى عام 1929.

رغم ذلك التحدى الخطير؛ فقد نجحت مصر فى تقديم تجربة ملهمة وازنت بين «الإغلاق والفتح»، وحرصت على الصمود فى مواجهة الجائحة، وفى الوقت الذى انهارت فيه أنظمة صحية عالمية كبرى، نجحت الجهود المصرية فى مواجهة الأزمة، وصمد النظام الصحى المصرى، بفضل الله أولا، ثم بجهود الدولة المصرية التى كانت محل إعجاب وإشادة من المنظمات الدولية المتخصصة.

على الجانب المقابل؛ فقد نجح الاقتصاد المصرى فى الصمود وحافظ على تصنيفه الائتمانى، وكذلك معدلات النمو الإيجابى، وكانت مصر ضمن عدة دول لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة التى حافظت على معدلات النمو الإيجابى طوال فترة الجائحة وحتى الآن.

أيضا؛ فإن التجربة الاقتصادية المصرية قد نجحت باقتدار فى تحويل مصر إلى خلية عمل كبيرة يتواصل فيها الليل بالنهار، حيث يتم العمل على مضاعفة مساحة المعمور فيها من 7% إلى 14%، والانطلاق فى مشروعات البنية التحتية، والتنمية الزراعية والصناعية، إلى جوار إطلاق أضخم مشروع عالمى للتنمية المستدامة فى الريف المصرى «حياة كريمة» الخاص بتطوير أكثر من أربعة آلاف قرية وأكثر من أربعين ألف تابع تحتضن ما يقرب من 60% من سكان الدولة المصرية.

كل هذه المشروعات سوف تكون حاضرة بقوة فى النقاشات وورش العمل، والجلسات العامة والفرعية، لتكون نبراسا للشباب، وتستلهم منهم فى الوقت نفسه نقاط قوة إضافية لتلك المشروعات، وتنير لهم الطريق لكى يتسلحوا بالمعلومات الدقيقة فى مواجهة قوى الشر والشائعات.

الشباب هم أكثر الفئات المعنية بالمستقبل، وأكثر الفئات المتضررة من الأزمات والكوارث، كما نشاهد ونتابع فى مناطق الكوارث والأزمات والحروب الأهلية التى أتت على الأخضر واليابس فى العديد من تلك الدول والمناطق، وتحول فيها الشباب ـ للأسف الشديد ـ إلى وقود للمعارك، أو إلى ضحايا للموت غرقا فى عرض البحار والمحيطات.

لكل ذلك؛ فإن منتدى الشباب الرابع سوف يناقش كل تلك التحديات، خاصة ما يتعلق بمشروعات التنمية المستدامة، ومواجهة التحديات البيئية والمناخية، ومستقبل القارة الإفريقية، والأمن المائى المستدام، وغيرها من القضايا التى تتعلق بالأوضاع الصحية، والإنسانية، والتعليمية، والاجتماعية، والسياسية، إلى جوار إبراز النماذج الناجحة فى مختلف المجالات، لتكون بمثابة طاقة إيجابية عملية بعيدا عن الشعارات.

الأمر المؤكد أن منتدى الشباب الرابع سوف يضيف رصيدا من النجاحات إلى النجاحات السابقة التى تراكمت خلال المنتديات الثلاثة الماضية، ليؤكد للعالم كله قدرة الدولة المصرية على أن تكون النموذج والقدوة فى التعايش والسلام والمحبة.

Back to Top