تعزيز التوافق العربى والطريق إلى قمة الجزائر

تعزيز التوافق العربى والطريق إلى قمة الجزائر

جاءت زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى قطر فى الأسبوع الماضى تتويجا لجهود ماراثونية جبارة خلال الفترة الماضية لتنقية الأجواء العربية، وتعزيز التوافق العربى تمهيدا للقمة العربية فى الجزائر مطلع نوفمبر المقبل.

الزيارة هى الأولى من نوعها للرئيس عبدالفتاح السيسى إلى الدوحة منذ توليه مسئولية السلطة عام 2014، وجاءت ردا على الزيارة التى قام بها الأمير تميم لمصر فى شهر يونيو الماضى.

فى شهر يناير من العام الماضى كانت البداية فى قمة مجلس التعاون الخليجى فى العلا فى المملكة العربية السعودية التى شهدت وقائع المصالحة بين الرباعى العربى، مصر والمملكة العربية السعودية، والإمارات، والبحرين، مع دولة قطر، وصدر بيان قمة العلا ليؤكد اتفاق المصالحة الذى أعلنه وزير الخارجية الكويتى الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح الذى أكد فيه إنهاء الأزمة الدبلوماسية مع قطر، وتم توقيع البيان من قبل رؤساء الوفود المشاركة فى مجلس التعاون الخليجى، بالإضافة إلى سامح شكرى وزير الخارجية المصرى الذى رأس الوفد المصرى وقام بالتوقيع على وثيقة العلا.

الوثيقة أسست لطى أزمة الرباعى العربى مع قطر، وعودة العلاقات إلى سابق عهدها، وعودة التعاون فيما بين الدول الخمس إلى المسار الطبيعى للحفاظ على الأمن والاستقرار فى المنطقة العربية بشكل عام، والخليج بشكل خاص بما يعزز التنسيق والتكامل والترابط بين الشعوب العربية فى مختلف المجالات.
منذ ذلك الحين جرت مياه كثيرة فى العلاقات المصرية ــ القطرية وتعددت اللقاءات بين البلدين على مستوى الوزراء، والوفود الدبلوماسية، ورجال الأعمال، ثم جاءت زيارة أمير قطر تميم بن حمد فى شهر يونيو الماضى والتى استغرقت يومين، وجرى فيها عقد محادثات ثنائية بين الزعيمين عبدالفتاح السيسى، وتميم بن حمد لمناقشة مجمل العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، وتعزيز سبل التعاون فى مختلف المجالات، فضلا عن التباحث حول تطورات القضايا السياسية الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

زيارة أمير قطر إلى مصر فى يونيو الماضى عززت العلاقات الثنائية، ووضعت النقاط على الحروف فى الكثير من القضايا، وفتحت آفاق التعاون بين البلدين إلى أقصى درجة فى ظل التفاهم والانسجام بين زعيمى الدولتين.

كان من الطبيعى أن يقوم الرئيس عبدالفتاح السيسى برد الزيارة إلى الدوحة لتأكيد التوافق والانسجام بين البلدين الشقيقين، والتباحث حول مختلف القضايا الثنائية، والعربية، والإقليمية، والدولية.

مصر دائما تنحاز فى سياستها إلى التضامن العربى، ووحدة الصف، والمصالحة العربية، وتسوية أى سوء فهم أو خلافات بين الدول العربية، وهو موقف ثابت وتاريخى لمصر بحكم كونها البلد الأكبر والأهم فى المنطقة، ومن هذا المنطلق تدفع مصر بكل إمكاناتها فى اتجاه المصالح العربية المشتركة، ودعم الأمن القومى العربى فى كل المواقف، ومنذ بداية الصراع العربى ــ الإسرائيلى فى عام 1948 حتى الآن.

خلال الأشهر القليلة الماضية شهدت الساحة السياسية العربية تحركات مصرية مكثفة منها زيارة الأمير تميم إلى مصر وعقد القمة المصرية ــ القطرية الأولى، وكذلك العديد من القمم العربية المصغرة على غرار القمة المصرية ـ البحرينية بين الرئيس عبدالفتاح السيسى، والملك حمد بن عيسى ملك البحرين.

وبعدها بيوم واحد عقدت قمة ثلاثية بين مصر، والأردن، والبحرين بعد أن انضم الملك عبدالله الثانى ملك الأردن إلى القمة الثنائية المصرية ـ البحرينية.

أيضا قام الأمير محمد بن سلمان ولى عهد المملكة العربية السعودية بزيارة مهمة إلى مصر تحضيرا للقمة العربية ـ الأمريكية التى عقدت فى المملكة العربية السعودية بحضور الرئيس الأمريكى بايدن. وأخيرا كانت قمة العلمين الأخوية التى حضرها قادة العراق، والأردن، والبحرين، والإمارات مع الرئيس عبدالفتاح السيسى.

هكذا تقوم مصر بدور محورى ورئيسى فى لم الشمل العربى، وتوطيد أواصر العلاقات العربية ــ العربية فى مواجهة التحديات المتزايدة على المستويين الإقليمى والدولى وازدياد حالة الاستقطاب الدولى بعد اندلاع الحرب الروسية ــ الأوكرانية.

كل المناسبات، كرؤية مصرية متكاملة تصلح أن تكون روشتة عربية لغلق الباب أمام أى تدخلات خارجية، وعدم ترك أى مساحة أو فراغ لأى قوى خارج إطار الدولة الوطنية للعبث بمقدرات الدول العربية وشعوبها.

أعتقد أن التحركات المصرية الفترة الماضية والتى انتهت بالقمة المصرية ـ القطرية فى الدوحة خلال الأسبوع الماضى، وما سوف تشهده الأيام المقبلة، ولحين انعقاد القمة فى الجزائر مطلع نوفمبر المقبل، سوف يمهد الطريق لقمة عربية ناجحة بعد توقف دام 3 سنوات حيث كانت آخر قمة عربية فى تونس عام 2019 ثم تأجل انعقاد القمة العربية رغم قرار انعقادها دوريا كل عام بسبب وباء كورونا وأسباب أخرى، حتى كان قرار انعقادها فى الجزائر نوفمبر المقبل.

حسمت الجامعة العربية الجدل الذى كان دائرا بشأن انعقاد القمة العربية على لسان أمينها العام أحمد أبوالغيط الذى أكد مطلع الشهر الحالى أنه تم الاتفاق بشكل نهائى خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب على عقد القمة بالجزائر يومى الأول والثانى من نوفمبر، مشددا على أنه لا صحة للحديث عن احتمالات تأجيلها أو نقلها، مؤكدا أهمية انعقادها بعد غياب 3 سنوات.

فى المقابل فقد بدأ التحرك الجزائرى الرسمى لاستضافة القمة، وكانت البداية من القاهرة حيث قام وزير الخارجية الجزائرى رمضان العمامرة بتسليم الرئيس عبدالفتاح السيسى رسالة خطية من نظيره الجزائرى عبدالمجيد تبون تضمنت دعوته للقمة العربية، ثم توالت دعوات باقى القادة العرب.

الرئيس الجزائرى أكد أهمية انعقاد القمة، وضرورة دراسة إصلاح نظام جامعة الدول العربية، وطرح كل القضايا المتعلقة بمكافحة الإرهاب، والتدخل الإقليمى والدولى فى شئون الدول العربية، ودعم التعاون العربى ــ العربى فى المجالات الاقتصادية والاجتماعية، وغيرها من القضايا ذات الاهتمام المشترك.

الأمر المؤكد أن القمة المصرية ـ القطرية الأخيرة وما أسفرت عنه من نتائج سوف تضيف زخما جديدا لنجاح القمة العربية المرتقبة فى الجزائر، وتسهم فى لم الشمل العربى بما يضمن حماية المصلحة العربية المشتركة ويتماشى مع سقف طموحات الشارع العربى فى مختلف المجالات.

Back to Top