نداء «جوتيريش»

 

يؤكد أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، أنه زعيم غير عادى، وأنه واحد من الأمناء العظام للأمم المتحدة مثله فى ذلك مثل المصرى العظيم د.بطرس غالى الأمين العام الأسبق.

 

 

جوتيريش ليس عربيا أو مسلما، وإنما هو سياسي له قلب وعقل وضمير، في وقت أصبح من النادر أن تجد سياسيا يحمل كل ذلك، وفي كلمته الرائعة أمام القمة العربية في البحرين كان أكثر من رائع حينما أشار إلى موطنه «لشبونة» التى كانت جزءا من الأندلس لقرون عديدة، وهى التى كانت مركزا للحضارة والثقافة فى شبه الجزيرة الإيبيرية، مثلما كانت بغداد مركزا للثقافة والحضارة فى العالم.

أراد جوتيريش أن ينعش ذاكرة الزعماء العرب وأنهم أصحاب حضارة عظيمة ظلت تسود العالم لقرون عديدة حتى دارت عجلة التاريخ وتراجعت الحضارة العربية، وتم استعمار العالم العربى، وخلال تلك الحقبة الاستعمارية تم نهب ثروات العالم العربي، وترك الاستعمار إرثا سيئا في شكل خطوط وحدود تم رسمها على الرمال كحدود تعسفية تفصل بين البلدان.

أوضح جوتيريش أن العالم العربى الآن يملك إمكانات هائلة من الموارد الاقتصادية والثقافية والبشرية، وهو ما يكفى لعودة العالم العربى إلى قيادة العالم من جديد مرة أخرى، ولكن بشرط مهم وواضح.

من المهم التوقف هنا طويلا أمام هذا الشرط الذى طرحه جوتيريش أمام القمة العربية، قائلا: هناك شرط أساسى ووحيد للنجاح فى عالم اليوم، وهو «الاتحاد»، مشيرا إلى أن التاريخ أظهر مرارا وتكرارا أن الانقسامات تفسح المجال لتدخل الأطراف الخارجية بما يؤدى إلى تغذية الصراعات، وتأجيج التوترات الطائفية والإرهاب.

خطاب جوتيريش أمام القمة العربية فى المنامة خطاب تاريخى يصلح أن يكون دستور عمل للجامعة العربية، وأتمنى لو تبنى الأمين العام لجامعة الدول العربية السفير أحمد أبوالغيط هذا الخطاب، وأطلق عليه «نداء جوتيريش» ليكون منهاج عمل للجامعة العربية خلال المرحلة المقبلة.

العالم العربى يملك من الإمكانات والموارد والبشر، ما يؤهله لصدارة المشهد من جديد، كما تصدر الحضارة الإنسانية من قبل، وقاد العالم لقرون عديدة نجح خلالها أن يكون بمثابة الحلقة الوسيطة بين الحضارات القديمة والحضارة الحديثة فى وقت كانت أوروبا تغط فى الظلام، وامتدت الحضارة العربية لتصل إلى قلب أوروبا، وحدود الصين وسواحل المحيط الأطلسى.

نداء جوتيريش إلى القمة العربية يستحث الهمم العربية بخبرة التاريخ، ومعطيات الواقع المعاصر، والمهم أن يتجاوب العالم العربى مع ذلك النداء، وهو قادر على ذلك لو أراد.

Back to Top